(أَوَلَمْ يَرَوْا) بالياء على الخبر عن الذين مكروا السيئات، وقرأ ذلك بعض قراء الكوفيين "أوَلم تَرَوا" بالتاء على الخطاب.
وأولى القراءتين عندي بالصواب قراءة من قرأ بالياء على وجه الخبر عن الذين مكروا السيئات، لأن ذلك في سياق قَصَصِهم، والخبر عنهم، ثم عقب ذلك الخبر عن ذهابهم عن حجة الله عليهم، وتركهم النظر في أدلته والاعتبار بها، فتأويل الكلام إذن: أو لم ير هؤلاء الذين مكروا السيئات، إلى ما خلق الله من جسم قائم، شجر أو جبل أو غير ذلك، يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل، يقول: يرجع من موضع إلى موضع، فهو في أوّل النهار على حال، ثم يتقلَّص، ثم يعود إلى حال أخرى في آخر النهار.
وكان جماعة من أهل التأويل يقولون في اليمين والشمائل ما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد عن قتادة، قوله (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ) أما اليمين: فأوّل النهار، وأما الشمال: فآخر النهار.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، بنحوه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج (يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ) قال: الغدوّ والآصال، إذا فاءت الظِّلال، ظلال كلّ شيء بالغدوّ سجدت لله، وإذا فاءت بالعشيّ سجدت لله.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ) يعني: بالغدو والآصال، تسجد الظلال لله غدوة إلى أن يفئ الظلّ، ثم تسجد لله إلى الليل، يعني: ظلّ كلّ شَيء.
وكان ابن عباس يقوله في قوله (يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ) ما حدثنا المثنى، قال: أخبرنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ) يقول: تتميل.
واختلف في معنى قوله (سُجَّدًا لِلَّهِ) فقال بعضهم: ظلّ كلّ شيء سجوده.