قال: أخبرنا الثوريّ، عن عثمان بن موهب، عن موسى بن طلحة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم "أنه سُئل عن التسبيح أن يقول الإنسان: سُبْحان الله، قال: "إنزاهُ الله عَنِ السُّوءِ".
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا عبدة بن سليمان، عن الحسن بن صالح، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: سبحان الله: قال: إنكاف لله. وقد ذكرنا من الآثار في ذلك ما فيه الكفاية فيما مضى من كتابنا هذا قبل. والإسراء والسُّرى: سير الليل. فمن قال: أسَرْى، قال: يُسري إسراء؛ ومن قال: سرى، قال: يَسري سرى، كما قاله الشاعر:
ويعني بقوله (لَيْلا) من الليل. وكذلك كان حُذيفة بن اليمان يقرؤها.
حدثنا أبو كريب، قال: سمعت أبا بكر بن عياش ورجل يحدّث عنده بحديث حين أسري بالنبيّ صلى الله عليه وسلم فقال له: لا تجيء بمثل عاصم ولا زر، قال: قرأ حُذيفة: (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ مِنَ اللَّيْلِ مِنَ الْمَسْجِدِ الحَرَام إلى المَسْجِدِ الأقْصَى) وكذا قرأ عبد الله.
وأما قوله (مِنَ المَسْجِدِ الحَرَام) فإنه اختُلف فيه وفي معناه، فقال بعضهم: يعني من الحرم، وقال: الحرم كله مسجد. وقد بيَّنا ذلك في غير
(١) البيتان في (اللسان: ليت) شاهدا على أنه لاته عن وجهه يليته ويلوته ليتا: حبسه عن وجهه وصرفه قال الراجز: "وليلة ذات سرى سريت".... إلخ. وقيل معنى هذا: لم يلتني عن سراها أن أتندم فأقول: ليتني ما سريتها. وقيل معناه: لم يصرفني عن سراها صارف، أي لم يلتني لائت، فوضع المصدر موضع الاسم. وفي التهذيب: أن لم يلتني عنها نقص ولا عجز. وكذلك ألاته عن وجهه: فعل وأفعل: بمعنى. أهـ. و (في اللسان: سرى) السرى: سير الليل: عامته، وقيل السرى: سير الليل كله، تذكره العرب وتؤنثه. وسريت سرى ومسرى، وأسريت: بمعنى: إذا سرت ليلا. بالألف: لغة أهل الحجاز. وجاء القرآن العزيز بهما جميعا. أهـ. وعلى هذا استشهد المؤلف بالبيت. وقال السهيلي في الروض الأنف (١: ٢٤٣) اتفقت الرواة على تسميته إسراء، ولم يسمه أحد منهم سرى، وإن كان أهل اللغة قد قالوا: سرى، وأسرى بمعنى واحد، فدل على أن أهل اللغة لم يحققوا في العبارة.. إلى أن قال: لا يجوز أن يقال: سرى بعبده، بوجه من الوجوه؛ فلذلك لم تأت التلاوة إلا بوجه واحد في هذه القصة. أهـ.