وقرأ ذلك بعض أهل العربية من الكوفيين:(لِنَسُوءَ وُجُوهَكُمْ) على وجه الخبر من الله تبارك وتعالى اسمه عن نفسه.
وكان مجيء وعد المرّة الآخرة عند قتلهم يحيى.
ذكر الرواية بذلك، والخبر عما جاءهم من عند الله حينئذ.
كما حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ في الحديث الذي ذكرنا إسناده قبل أن رجلا من بني إسرائيل رأى في النوم أن خراب بيت المقدس وهلاك بني إسرائيل على يدي غلام يتيم ابن أرملة من أهل بابل، يدعى بختنصر، وكانوا يصدقون فتصدق رؤياهم، فأقبل فسأل عنه حتى نزل على أمه وهو يحتطب، فلما جاء وعلى رأسه حزمة من حطب ألقاها، ثم قعد في جانب البيت فضمه، ثم أعطاه ثلاثة دراهم، فقال: اشتر لنا بها طعاما وشرابا، فاشترى بدرهم لحما وبدرهم خبزا وبدرهم خمرا، فأكلوا وشربوا حتى إذا كان اليوم الثاني فعل به ذلك، حتى إذا كان اليوم الثالث فعل ذلك، ثم قال له: إني أُحبّ أن تكتب لي أمانا إن أنت ملكت يوما من الدهر، فقال: أتسخر بي؟ فقال: إني لا أسخر بك، ولكن ما عليك أن تتخذ بها عندي يدا، فكلمته أمه، فقالت: وما عليك إن كان ذلك وإلا لم ينقصك شيئا، فكتب له أمانا، فقال له: أرأيت إن جئت والناس حولك قد حالوا بيني وبينك، فاجعل لي آية تعرفني بها قال: نرفع صحيفتك على قصبة أعرفك بها، فكساه وأعطاه. ثم إن ملك بني إسرائيل كان يكرم يحيى بن زكريا، ويدني مجلسه، ويستشيره في أمره، ولا يقطع أمرا دونه، وأنه هوى أن يتزوّج ابنة امرأة له، فسأل يحيى عن ذلك، فنهاه عن نكاحها وقال: لست أرضاها لك، فبلغ ذلك أمها فحقدت على يحيى حين نهاه أن يتزوّجَ ابنتها، فعمدت أمّ الجارية حين جلس الملك على شرابه، فألبستها ثيابا رقاقا حمرا، وطيَّبتها وألبستها من الحُليّ، وقيل: إنها ألبستها فوق ذلك كساء أسود، وأرسلتها إلى الملك، وأمرتها أن تسقيه، وأن تعرض له نفسها، فإن أرادها على نفسها أبت عليه حتى يعطيها ما سألته، فإذا أعطاها ذلك سألته أن يأتي برأس يحيى بن زكريا في طست، ففعلت، فجعلت تسقيه وتعرض له نفسها؛ فلما أخذ فيه الشراب أرادها على نفسها، فقالت: لا أفعل