ويعرفون أنه كتاب الله، واتباعهم واتباع أوائلهم وأسلافهم ما تلته الشياطين في عهد سليمان. وقد بينا وجه جواز إضافة أفعال أسلافهم إليهم فيما مضى، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع. (١)
* * *
وإنما اخترنا هذا التأويل، لأن المتبعة ما تلته الشياطين، في عهد سليمان وبعده إلى أن بعث الله نبيه بالحق، وأمر السحر لم يزل في اليهود. ولا دلالة في الآية أن الله تعالى أراد بقوله:(واتبعوا) بعضا منهم دون بعض. إذْ كان جائزا فصيحا في كلام العرب إضافة ما وصفنا - من اتباع أسلاف المخبر عنهم بقوله:(واتبعوا ما تتلوا الشياطين) - إلى أخلافهم بعدهم، ولم يكن بخصوص ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أثر منقول، ولا حجة تدل عليه. فكان الواجب من القول في ذلك أن يقال: كل متبع ما تلته الشياطين على عهد سليمان من اليهود، داخل في معنى الآية، على النحو الذي قلنا.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى:{مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ}
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (ما تتلوا الشياطين) ، الذي تتلو. فتأويل الكلام إذًا: واتبعوا الذي تتلو الشياطين.
* * *
واختلف في تأويل قوله:(تتلو) . فقال بعضهم: يعني بقوله: (تتلو) ، تحدث وتروي، وتتكلم به وتخبر. نحو "تِلاوة" الرجل للقرآن، وهي قراءته. ووجه قائلو هذا القول تأويلهم ذلك، إلى أن الشياطين هي التي علمت الناس السحر وروته لهم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٥١ - حدثني المثنى بن إبراهيم قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن عمرو، عن مجاهد في قول الله:(واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان) ، قال: كانت الشياطين تسمع الوحي، فما سمعوا من كلمة زادوا فيها