فسألك حاجتك، فقولي: حاجتي أن تذبح لي يحيى بن زكريا؛ فلما دخلت عليه سألها حاجتها، فقالت: حاجتي أن تذبح يحيى بن زكريا، فقال: سلي غير هذا! فقالت: ما أسألك إلا هذا، قال: فلما أبت عليه دعا يحيى ودعا بطست فذبحه، فبدرت قطرة من دمه على الأرض، فلم تزل تغلي حتى بعث الله بختنصر عليهم، فجاءته عجوز من بني إسرائيل، فدلَّته على ذلك الدم، قال: فألقى الله في نفسه أن يقتل على ذلك الدم منهم حتى يسكن، فقتل سبعين ألفا منهم من سنّ واحد فسكن.
وقوله (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) يقول: وليدخل عدوّكم الذي أبعثه عليكم مسجد بيت المقدس قهرا منهم لكم وغلبة، كما دخلوه أوّل مرَّةٍ حين أفسدتم الفساد الأوّل في الأرض.
وأما قوله (وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) فإنه يقول: وليدمِّروا ما غلبوا عليه من بلادكم تدميرا، يقال منه: دمَّرت البلد: إذا خرّبته وأهلكت أهله، وتَبَر تَبْرا وتَبارا، وتَبَّرته أتبرُه تتبيرًا، ومنه قول الله تعالى ذكره (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا تَبَارًا) يعني: هلاكا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس (وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) قال: تدميرا.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) قال: يدمروا ما علوا تدميرا.