حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ) قال: وأوصى ربك.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ) قال: أمر ألا تعبدوا إلا إياه.
حدثني الحرث، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا هشيم، عن أبي إسحاق الكوفي، عن الضحاك بن مزاحم، أنه قرأها (وَوَصَّى رَبُّكَ) وقال: إنهم ألصقوا الواو بالصاد فصارت قافا.
وقوله (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) يقول: وأمركم بالوالدين إحسانا أن تحسنوا إليهما وتبرّوهما. ومعنى الكلام: وأمركم أن تحسنوا إلى الوالدين، فلما حذفت "أن" تعلق القضاء بالإحسان، كما يقال في الكلام: آمرك به خيرا، وأوصيك به خيرا، بمعنى: آمرك أن تفعل به خيرا، ثم تحذف "أن" فيتعلق الأمر والوصية بالخبر، كما قال الشاعر:
واختلفت القرّاء في قراءة قوله (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا) فقرأ ذلك عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة، وبعض قرّاء الكوفيين (إِمَّا يَبْلُغَنَّ) على التوحيد على توجيه ذلك إلى أحدهما لأن أحدهما واحد، فوحدوا (يَبْلُغَنَّ) لتوحيده، وجعلوا قوله (أوْ كِلاهُما) معطوفا على الأحد. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفيين (إِما يَبْلُغانَ) على التثنية وكسر النون وتشديدها، وقالوا: قد ذكر الوالدان قبل، وقوله (يَبْلُغانّ) خبر عنهما بعد ما قدّم أسماءهما، قالوا: والفعل إذا جاء بعد الاسم كان الكلام أن يكون فيه دليل على أنه خبر عن اثنين
(١) الأبيات الثلاثة من مشطور الرجز. وهي من شواهد الفراء في (معاني القرآن ص ١٧٨) قال: والعرب تقول: أوصيك به خيرا، وآمرك به خيرا، وكأن معناه: آمرك أن تفعل به خيرا، ثم تحذف أن، فتوصل الخير بالوصية وبالأمر، قال الشاعر: "عجبت ... الأبيات".