للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بن داود من ذخائر كنوز العلم"، ثم دفنته تحت كرسيه. فلما مات سليمان، قام إبليس خطيبا فقال: يا أيها الناس، إن سليمان لم يكن نبيا، وإنما كان ساحرا، فالتمسوا سحره في متاعه وبيوته. ثم دلهم على المكان الذي دفن فيه. فقالوا: والله لقد كان سليمان ساحرا! هذا سحره! بهذا تعبدنا، وبهذا قهرنا! فقال المؤمنون: بل كان نبيا مؤمنا! فلما بعث الله النبي محمدا صلى الله عليه وسلم، جعل يذكر الأنبياء، حتى ذكر داود وسليمان، فقالت اليهود: انظروا إلى محمد! يخلط الحق بالباطل! يذكر سليمان مع الأنبياء، وإنما كان ساحرا يركب الريح! فأنزل الله عذر سليمان: (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان) الآية. (١)

١٦٦٧ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني ابن إسحاق: (وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر) . وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم -فيما بلغني- لما ذكر سليمان بن داود في المرسلين، قال بعض أحبار اليهود: ألا تعجبون من محمد! يزعم أن ابن داود كان نبيا! والله ما كان إلا ساحرا! فأنزل الله في ذلك من قولهم: (وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا) ،-أي باتباعهم السحر وعملهم به- (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) . (٢)

* * *

قال أبو جعفر: فإذ كان الأمر في ذلك على ما وصفنا = وتأويل قوله: (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا) ما ذكرنا = فبين أن في الكلام متروكا، (٣) ترك ذكره اكتفاء بما ذكر منه، وأن معنى الكلام: واتبعوا ما تتلوا الشياطين من السحر على ملك سليمان فتضيفه إلى سليمان، وما كفر سليمان، فيعمل بالسحر، ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس


(١) الأثر: ١٦٦٦ - في تفسير ابن كثير ١: ٢٥١.
(٢) الأثر: ١٦٦٧ - سيرة ابن هشام ٢: ١٩٢ - ١٩٣.
(٣) في المطبوعة: "فتبين" وما أثبت أشبه بعبارة الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>