للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله (أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ) يعني: أو تصعد في درج إلى السماء، وإنما قيل في السماء، وإنما يرقى إليها لا فيها، لأن القوم قالوا: أو ترقى في سلم إلى السماء، فأدخلت "في" في الكلام ليدلّ على معنى الكلام، يقال: رَقِيت في السلم، فأنا أرقَى رَقيا ورِقيا ورُقيا، كما قال الشاعر:

أنتَ الَّذِي كَلَّفْتَنِي رَقْيَ الدَّرْج ... عَلى الكلالِ والمَشِيبِ والعَرْجِ (١)

وقوله (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ) يقول: ولن نصدّقك من أجل رُقِيك إلى السماء (حَتَّى تُنزلَ عَلَيْنَا كِتَابًا) منشورا نَقْرَؤُهُ فيه أمرنا باتباعك والإيمان بك.

كما حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قالا ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (كِتَابًا نَقْرَؤُهُ) قال: من ربّ العالمين إلى فلان، عند كلّ رجل صحيفة تصبح عند رأسه يقرؤها.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد بنحوه، إلا أنه قال: كتابا نقرؤه من ربّ العالمين، وقال أيضا: تصبح عند رأسه موضوعة يقرؤها.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (حَتَّى تُنزلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ) : أي كتابا خاصا نؤمر فيه باتباعك.

وقوله (قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي) يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك، القائلين لك هذه الأقوال، تنزيها لله عما يصفونه به، وتعظيما له من أن يؤتى به وملائكته، أو يكون لي سبيل إلى شيء مما تسألونيه (هَلْ كُنْتُ إِلا بَشَرًا رَسُولا) يقول: هل أنا إلا عبد من عبيده من بني آدم، فكيف أقدر أن أفعل ما سألتموني من هذه الأمور، وإنما يقدر عليها خالقي وخالقكم، وإنما أنا رسول أبلغكم ما أرسلت به إليكم، والذي سألتموني أن أفعله بيد الله الذي أنا وأنتم عبيد له، لا يقدر على ذلك غيره.


(١) البيت في (اللسان: رقي) قال: ورقيت في السلم رقيا (بوزن سقف) ورقيا (بوزن فعول) إذا صعدت، وارتقيت مثله، أنشد ابن بري: "أنت الذي ... البيت، ولم ينسبه إلى قائله".

<<  <  ج: ص:  >  >>