للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أجيبَ: بأنَّه فيمَا حَكَم بالاجْتِهادِ، وهذا في فصلِ الخُصُوماتِ بالبَيِّنَةِ والإقْرارِ والنُّكُولِ. قال السُّبْكيُّ (١): هذه قضِيَّةٌ شرطيةٌ لا تستدعِي وجودَها، بل معناها بيانُ أن ذلك جائزٌ، قال: ولم يَثْبُتْ لنا قطُّ أنَّه صلى الله تعالى عليه وسلَّم حَكم بحُكْم ثُمَّ بَانَ خلافه بوجهٍ من الوُجُوه، وقد صانَ اللهُ تعالى أحكامَ نَبِيِّه صلى الله تعالى عليه وسلَّم عن ذلك مع أنَّه لو وَقَع لم يكُنْ في ذلك محذورٌ (٢).

قلتُ: الحكمُ بالظَّاهر واجِبٌ عليه في مثل ذلك ولا خَطأ منه أصلًا في ذلك، وإنّما الخَطأ مِمَّن أقامَ الحُجَّةَ البَاطِلةَ، ولو سُلِّم فمِنْ أينَ عُلِم أنَّه يُقَرِّر عليه


(١) هو: شيخ الإسلام، الفقيه المحدِّث، الحافظ المفسر، الأصولي المتكلم، اللغوي النحوي، المنطقي الجَدَلِيُّ، تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الكافي بن علي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام بن حامد بن يحيى بن عمر بن عثمان السبكي الشافعي، والد تاج الدين السبكي، ولد مستهل صفر سنة ثلاث وثمانين وست مائة بـ"سبك"، قرأ القرآن على التقي بن الصايغ، والتفسير على العَلَم العراقي، والفقه على ابن الرفعة، والأصول على العلاء الباجي، والنحو على أبي حيان، والحديث على الشرف الدمياطي. ورحل وسمع من ابن الصواف والموازيني، وأجاز له الرشيد بن أبي القاسم، وإسماعيل بن الطبَّال وخلق. برع في الفنون، وتخرَّج به خلق في أنواع العلوم، وناظر وأقرّ له الفضلاء، وولي قضاء الشام بعد الجلال القزويني، وولي مشيخة دار الحديث الأشرفية، والشامية البرَّانية، والمسرورية وغيرها. كان محقِّقا مدقِّقا نظَّارا، له في الفقه وغيره الاستنباطات الجليلة، والدقائق والقواعد المحررَّة التي لم يُسبق إليها. صنَّف نحو مائة وخمسين كتابا، من منصفاته: "شفاء السِّقام في زيارة خير الأنام"، و"الإبهاج في شرح المنهاج"، "السيف الصقيل"، و"رفع الشقاق في مسألة الطلاق"، "السيف المسلول على من سبَّ الرسول"، "بيان الأدلة في إثبات الأهلة"، "تقييد التراجيح في صلاة التراويح"، "فتاوى السبكي"، وغيرها من الكتب النافعة. توفي بمصر سنة ست وخمسين وسبع مائة. راجع لترجمته: طبقات الشافعية الكبرى: ١٠/ ١٣٩، شذرات الذهب: ٨/ ٣٠٧، الدرر الكامنة: ٣/ ٦٣، الأعلام للزركلي: ٤/ ٣٠٢.
(٢) راجع: الإبهاج في شرح المنهاج للسبكي: ٣/ ٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>