للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأجابَ السُّبكيُّ باخْتيارِ الشِّقِّ الثَّاني ومنعِ كَوْنِه حَبْسًا وَتَسَجُّنًا؛ لجَواز أنْ يُقدِّرُ اللهُ في تلك الأجْوَاف من السُّرُور والنَّعيم مَا لا تَجدُه في الفَضَاء الوَاسِع انتهى (١).

وتَوْصِيْفُها بالخُضَر قيل: يَحْتَمل أنْ يكونَ لونُها كذلك، ويحتملُ أنْ يُرَادَ به أنَّها غَضَّةٌ ناعِمَةٌ.

قلتُ: ولعلَّ الحكمةَ في تَشَكُّلِها بشَكْل الطُّيورِ أو إدْخالِها في أجْوَافِها أن الله تَعالى أخْبَر [بأن عادتَه] (٢) أن التَّنَعُّم والتلَذُّذَ - الجسْمَانيَّ لا يُوْجَد ولا يَتِمُّ إلا بوَاسِطَة البَدَنِ والجِسْم ولَيْسَ للرُّوحِ المُجَرَّدِ منها نصيبٌ، وقد تعلق إرادتُه [تعالى] بحَياةِ الشُّهَداء وتلَذُّذِهم بالنِّعَم الجِسْمانِيَّة كما نَصَّ عليه تعالى في كتابه الكريم، فلذلك تَتَشَكَّل الأرْواحُ أو تَدْخُل في أبْدانِ الطُّيور ليَنَالُوا من تلك اللذَّات الجِسمانِيَّة ويُصِيْبُوْا منها على الوَجْه المَعْهودِ، وبِهذا حَصَل الفَرقُ بينَ أرْواح الشُّهدَاء وغيرهم حَتَّى وَصَفهم اللهُ تعالى في كتابه بالحَياةِ، وأنَّهم يُرْزَقُون بخِلافِ غيرِهم مع إبْقَاءِ الرُّوحِ في الكُلِّ على التَّحقيقِ. والله ولي التوفيق.

١١٣٣ - (١٦٤٢) - (٤/ ١٧٦) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْن بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْن عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَامِرٍ العُقَيْلِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: "عُرِضَ عَلَيَّ أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ


(١) راجع: الطبقات الكبرى للقاضي تاج الدين السبكي: ١٠/ ٩٥، ٩٦.
(٢) هكذا في المخطوط، ولعل العبارة وقع فيها تقديم وتأخير، وينبغي أن تكون هكذا: "قلتُ: ولعلَّ الحكمةَ في تَشَكُّلِها بشَكْل الطُّيورِ أو إدْخالِها في أجْوَافِها أن الله تَعالى أخْبَر بأنَّ التَّنَعُّم والتلَذُّذَ الجسْمَانيَّ لا يُوجَد عادةً ولا يَتِمُّ إلا بوَاسِطَة البَدَنِ والجِسْمِ ولَيْسَ للرُّوْح المُجَرَّدِ مِنْهَا نَصِيْبٌ".

<<  <  ج: ص:  >  >>