للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يأبَى هذا المعنى، وهو: "فَلَا تَفْعَلُوْا إلَّا بِأمِّ الْقُرْآنِ فإنَّهُ لَا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا" (١) فإنَّ الخطابَ لِمَنْ خَلْفَ الإمام فكيف يُخَصُّ بالمُنْفَرِد؟ وكذَا لَا يحْتَمِل التَّخْصِيْصَ بحالةِ السِّرِّ فإنَّ مَحَلَّ الوُرُوْدِ، صلاةُ الصُّبْحِ وهي جَهْرِيَّةٌ إلا أنْ يُقال: مَحَلُّ هذا التَّعْلِيْل فِي حديثِ عُبَادَةَ بيانُ مزيدِ اهتمامٍ بفَاتحةِ الكتاب بأنَّهَا بحيث لَا يجوزُ صلاة المُنْفِرِدِ بدُوْنِها، أو لَا تجُوْز صلاةُ أحدٍ بدُوْنها حقيقةً أو حكمًا كما فِي حَقِّ من لَا يقْرَأها، ولا يكتفِي خَلْفَ الإمَام، فيَجُوْزُ لمَنْ خَلْفَ الإمامِ أن يقرَأها ولا يكتفي فيها بقِرَاءَةِ الإمامِ بخلافِ غَيْرِهَا فإنَّه يَلْزَمُ عليه الاكْتِفاءُ فيه بقِرَاءَةِ الإمَامِ.

فالحاصلُ: أنَّ قِرَاءَةَ الإمَام قراءةٌ للمُقْتَدِيْ، فيَجُوْزُ للمُقْتَدِيْ الاكتِفَاءُ بِهَا فِي الفَاتِحَةِ والسُّوْرَة، ويجوزُ له أنْ لَا يكتَفِيَ بِهَا فِي الْفَاتِحَةِ لِمَزِيْدِ اعتنَاءٍ بِهَا حيثُ لَا تصِحُّ صلاةُ المُنفرد بدونهَا أو صلاة أحدٍ بدونِها فيأتِي بِها، ولا يكتفي فيها بالقراءةِ الحُكْمِيَّةِ أعنى: قراءةَ الإمامِ بخلاف السُّوْرة فإنَّها لَا ينبغيْ له ألا يكتفيَ فيها بالقِراءَة الحُكْمِيَّة.

والحاصلُ: أن الاسْتِثْنَاءَ من النَّهْي، أعنى: "لا تَفْعَلُوْا إلا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ" لَا يَقْتَضِي الوُجُوْبَ إذ يكفي فيه الجَوَازُ، وإنَّمَا المُقْتَضَى للوُجُوْب التَّعْلِيْلُ، أعنى: "فإنَّه لاصَلاةَ إلا بفَاتِحَةِ الْكِتَابِ" وذَاك يمكن تأويلُه بالوَجْهِ المَذْكُوْر وإنْ كان بعيدًا. والله تعالى أعَلم.


(١) راجع: سنن الترمذي، كتاب الصلاة عن رسول الله ، باب: ما جاء في القراءة خلف الإمام، ح: ٣١١، ومسند الإمام أحمد بن حنبل، حديث عبادة بن الصامت : ٩/ ٣٢٥، ح: ٢٣٣٣٥، وسنن الدارقطني، كتاب الصلاة، باب: وجوب قراءة أم الكتاب في الصلاة، وخلف الإمام، ح: ١٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>