للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنْ يَعْتكِفَ صَلَّى الفَجْرَ، ثُمَّ دَخَلَ فِي مُعْتكَفِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. وقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتكِفَ فَلْتَغِبْ لَهُ الشَّمْسُ مِنَ اللَّيْلَةِ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَعْتكِفَ فِيهَا مِنَ الغَدِ وَقَدْ قَعَدَ فِي مُعْتكَفِهِ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ.

• قوله: "وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا … " إلخ، الذي يقول بظَاهِر الحديثِ يَحْمِل على أن المُعْتكِفَ يَشْرع في الاعْتِكَافِ بعدَ صلاةِ الصُّبْح من اليَوْم الحَادِي والعشرين كما يَشْهَد بذلك كلامُهم، ولذا رَدَّ عليه الجمهورُ بأنَّ المعلومَ أنَّه كان يعتكفُ العشرَ الأواخرَ كما رواه المصنف سابقًا، وقد رواه الشيخان (١) وغيرُهما (٢) عن عائشة، وكان يَحُثُّ أصحابَه على اعتكافِ العَشر، وعَدَدُ العَشر عَدَدُ اللَّيالي، فيدخُل فيها اللَّيْلَة الأوْلى وإلا لا يتِمُّ هذَا العددُ أصلًا.

وأيضًا من أعظمِ ما يُطْلَبُ بالاعتكافِ في العَشْر الأواخِر إدْرَاكُ لَيْلةِ القَدْر وفَضْلُها كما لا يخْفَى على من يَتَّبعُ أحاديث البَاب، وهي قد تكونُ تلك اللَّيْلة، ليلة الحادي والعشرين كما يُفيدُه حديثُ أبي سعيدٍ، فينبغي له أنْ يكونَ مُعْتكِفًا فيها لا أنْ يعتكفَ بعدَها، ولهذَا ذهب الجمهورُ إلى أنَّه يَشْرع ليلةَ الحادي والعشرين في الاعتكافِ، ولهم في جوابِ غير هذا الحديثِ وجوهٌ.

قال النَّووي: تأويلُ الحديث أنَّه دَخَلَ المعتكفَ وانْقَطَع فيه وتَخَلَّى بنَفْسِه بعدَ صلاةِ الصُّبْح، لا أن ذلك وقت ابتداءِ الاعتكاف، بل كان قبلَ المغربِ معتكفًا


(١) راجع: صحيح البخاري، كتاب الاعتكاف، باب: الاعتكاف في العشر الأواخر، والاعتكاف في المساجد كلها، ح: ٢٠٢٦، وصحيح مسلم، كتاب الاعتكاف، باب: اعتكاف العشر الآواخر من رمضان، ح: ١١٧٢.
(٢) راجع: سنن أبي داود، كتاب الصوم، باب: الاعتكاف، ح: ٢٤٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>