• وقوله:"فَلا تَبْغُوا": بالتَّوبيخِ والأذِيَّة، أي: فأزِيلُوْا عنهنَّ التَّعَرُّضَ، واجعلوا ما كان مِنْهُنَّ كأنْ لم يكن؛ فإنَّ التائبَ من الذَّنْبِ كما لا ذَنْبَ له.
• وقوله:"ولا يُوطِئْنَ": صيغةُ جمع المؤنَّث من الإيْطاء. قال ابنُ جرير (١) تفسيرِه: معناه أنْ لا يُمَكِّنَّ من أنفُسهِنَّ أحدًا سوَاكم. وردَّ بأنّه لا معنى حينئذٍ لاشتراطِ الكراهةِ لأنَّ الزنا حرامٌ على الوُجُوْه كُلِّها.
قلتُ: يمكنُ الجوابُ بأنَّ الكراهةَ في جِمَاعِهِنَّ يشمل عادةً للكُلِّ سوى
(١) هو: الإمام العلم المجتهد، أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن خالد الطبري، صاحب التفسير الكبير، والتاريخ الشهير، ولد سنة أربع وعشرين ومائتين بـ"آمل"، طبرستان، قد أكْثَرَ التِّرْحالَ، وطاف بالبلاد، وسمع بالعراق، والشام، ومصر، كان ثقة، صادقا، حافظا، رأسا في التفسير، إماما في الفقه والإجماع والاختلاف، علَّامة في التاريخ وأيام الناس، عارفا بالقراءات واللغة، مجتهدا ولم يقلِّد أحدا، له منصفات مليحة تدل على سعة علمه، وغزراة فضله، منها: "تاريخ الأمم والملوك"، المعروف بـ: "تاريخ الطبري"، و"جامع البيان عن تأويل آي القرآن" الشهير بـ "تفسير الطبري"، و"اختلاف علماء الأمصار" وغير ذلك. توفي في السادس والعشرين من شوال، سنة عشر وثلاث ببغداد. راجع لترجمته: تاريخ بغداد: ٢/ ٥٤٨، والمنتظم: ١٣/ ٢١٥، وفيات الأعيان: ٤/ ١٩١، سير أعلام النبلاء: ١٤/ ٢٦٧.