للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقل ما يُقال، لا أقول هذا لأن العمل السياسي لا ينبغي بل هو واجب، لكن هذا العمل السياسي لا ينبغي أن يكون عملاً سياسياً كأي عمل سياسي في أي دولة من الدول الكافرة أو الفاسقة يجب أن يكون عملاً سياسياً متميزاً بأصوله وقواعده عن عمل سياسي آخر في جماعات أخرى وأحزاب أخرى.

أن يكون العمل السياسي من أمة مسلمة أي جماعة مسلمة، وقد أنهو المرحلة الأولى التي لا بد منها والتي بدأ بها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وهي الدعوة إلى الإسلام، وأول ما يبدأ المسلم إنما يبدأ بالتوحيد، الآن ولست أريد أن أسمي، ليتذكر كل واحد من الحاضرين الآن جماعة من الجماعات الإسلامية التي تعمل للإسلام، وربما يكون عندها من الحماس الشيء الكثير، ولكن هل بدؤوا بما بدأ به رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -؟ كلنا يعلم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إنما بدأ بما بدأ به أسلافه من إخوانه الأنبياء والمرسلين كما أمره رب العالمين في القرآن الكريم فبهداهم اقتده، بدأ بالدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ولذلك كان مما أمر به عليه الصلاة والسلام في القرآن أمراً وجه إلى شخصه والمراد به أمته، {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: ١٩].

فالآن قلت آنفاً تأملوا في أي جماعة سياسية هل بدأت بما بدأ به النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بدعوة على الأقل لا أقول الأمة كلها، بدعوة الأصحاب والأتباع الذين يلتفون حولها إلى التوحيد والتوحيد الخالص، هذا مع الأسف شيء مفقود، ثم هذا لا يكفي بالنسبة إلينا اليوم؛ لأن الإسلام جاء على سنة الله في التدرج، أما نحن اليوم فقد تلقينا الإسلام كاملاً، حينما قيل له عليه الصلاة والسلام: {قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ* وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٢ - ٤]. يعني: أول نزول الوحي عليه لم يكن هناك شيء اسمه صلاة، شيء اسمه صيام إلى آخر أركان الإسلام الخمسة، لم

<<  <  ج: ص:  >  >>