سأل فقال: من هم الغرباء يا رسول الله؟ فقال -عليه الصلاة والسلام-: «هم أناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم». انظروا هنا يمدح القلة، ولا يمدح الكثرة، بل هويذمها. قال:«هم ناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم». فإذن من صفة هؤلاء الغرباء الذين بشرهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بطوبى، وهي شجرة في الجنة يمشي الراكب المسرع تحتها مائة عام لا يقطعها، هؤلاء هم الغرباء الذين بشرهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بهذه البشارة العظمى فقال:«هم ناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم».
وهذه الصفة ينبغي أن تكون صفة عامة في الغرباء، أما الصفة التالية وهي في الحديث الثالث فهي صفة من خاصة الغرباء، هي صفة من خاصة الغرباء، أي هي صفة في علماء الغرباء؛ وذلك أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أجاب مرة عن ذاك السؤال: من هم الغرباء؟ فقال -عليه الصلاة والسلام- في المرة الأخرى:«هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي». فإذن كلمة الغرباء تعني: المتمسكين بالكتاب والسنة وعلى فهم السلف، أي هم الفرقة الناجية، ولكن ليس من الضروري أن يكون كل فرد ممن يكون حقاً من الفرقة الناجية أن يكون عالماً، هذا أمر ضروري جداً. ثم ليس من الضروري أن يكون كل من كان من الفرقة الناجية، وعالماً -أيضاً- أن يكون عالماً بالكتاب والسنة، فقد يكون عالماً من العلماء الذين يتبعون مذهباً من مذاهب الأئمة المهتدين المتبعين، ولكنه لا يستطيع أن يميز الصواب من الخطأ مما اختلف فيه الناس، لا يستطيع أن يميز السنة من البدعة حينما اختلطت السنة بالبدع، وما أكثر هذا الاختلاط في هذا الزمان.