وهي قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي أخرجه أبو داود في سننه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أو من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما - الشك مني الآن - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم».
الشاهد من هذا الحديث: قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «ومن تشبه بقوم فهو منهم» فتشبه المسلم بالكافر لا يجوز في الإسلام وهذا التشبه له مراتب من حيث الحكم ابتداءً من التحريم وأنت نازل إلى الكراهة، وقد فصل القول في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه العظيم المسمى بـ:«اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم»، تفصيلًا لا نجده عند غيره رحمه الله.
وأريد أن أنبه إلى شيء آخر ينبغي على طلاب العلم أن ينتبهوا له وألا يظنوا أن التشبيه هو فقط النهي عنه في الشرع، فهناك شيء آخر أدق منه ألا وهو: مخالفة الكفار، التشبه بالكفار أن تفعل فعلهم، أما مخالفة الكفار فأن تتقصد مخالفتهم فيما يفعلونه حتى لو كان هذا الفعل الصادر منهم فعلًا لا يملكون التصرف فيه بخلاف ما فرض عليهم فرضًا كونيًا، كمثل الشيب الذي هو سنة كونية لا يختلف فيه المسلم عن الكافر؛ لأنه ليس في طوعهم ولا في إرادتهم وإنما هي سنة الله تبارك وتعالى في البشر ولن تجد لسنة الله تبديلًا، ومع ذلك فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال:«إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم» فقد يشترك المسلم مع الكافر في شيبه وهو مفروض عليهما لا فرق، فلا تجد مسلمًا لا يشيب إلا ما ندر جدًا، كما أنك لا تجد كذلك كافرًا من باب أولى، فيصبح هنا اشتراك في المظهر بين المسلم وبين الكافر في أمر لا يملكانه