للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما قلنا آنفًا، فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن نتقصد مخالفة المشركين في أن نصبغ شعورنا سواء كان هذا الشعر لحيًة أو شعر رأس، لماذا؟ ليظهر الفرق بين المسلم وبين الكافر، فما بالكم إذا كان الكافر يتكلف عمل شيء ثم يأتي بعض المسلمين فيفعلون فعلهم ويتأثرون بأعمالهم.

هذا أشد وأنكى من المخالفة؛ لذلك أردت التنبيه قبل أن أمضي فيما أنا في صدده من بيان الجواب الذي وجه السؤال عنه، فإذا عرفتم الفرق بين التشبه وبين المخالفة حينئذٍ فالمسلم الصادق في إسلامه يحاول دائمًا وأبدًا ليس أن يتشبه بالكافر وإنما يتقصد مخالفة الكافر، ومن هنا نحن سننا وضع الساعة في اليد؛ لأن العادة الكافرة وهم الذي اخترعوا هذه الساعة فإنما يضعونها في يسراهم، فهذا مما استنبطناه من قوله عليه السلام: «فخالفوهم».

عرفتم هذا الحديث: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم» فكما يقول شيخ الإسلام رحمه الله في ذاك الكتاب، فقوله عليه الصلاة والسلام: «فخالفوهم» جملة تعليلية تشير إلى أن مخالفة الكفار مقصود للشارع الحكيم حيثما تحققت هذه المخالفة، ولذلك نجد لها تطبيقًا في بعض الأحكام الأخرى ولو أنها ليست في حكم الوجوب كمثل قوله عليه الصلاة والسلام: «صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود» علمًا بأن الصلاة في النعال ليست فرضًا بخلاف إعفاء اللحية فهو فرض يأثم حالقها، أما الصلاة منتعلًا فهو أمر مستحب إذا ثابر المسلم واظب على إقامة الصلاة دائمًا وأبدًا حافيًا غير منتعل فقد خالف السنة ولم يخالف اليهود المتنطعين في دينهم.

وقد جاء في بعض المعاجم من كتب السنة أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان في جمع فأقيمت الصلاة، وكان فيهم صاحبه أبو موسى الأشعري رضي

<<  <  ج: ص:  >  >>