إذاً: أيّ رجل من أهل الكتاب يُسْلِم ويؤمن بالله ورسوله فله أجره مرتين، مرة بإيمانه السابق على عجره وبجره، ومرة أخرى بإيمانه اللاحق الذي كله حق ليس فيه باطل، فنسأل الله لك أولاً الثبات، ثم الاستقامة على الحق.
وهذا يوجب عليك والدين النصيحة أن تكون حريصاً على التعرف على الإسلام الصحيح، وأقول آسفاً: على الإسلام الصحيح؛ لأنه أصاب المسلمين ما أصاب الذين من قبلهم، أصاب المسلمين ما أصاب اليهود والنصارى من التفرق في الدين، وهذا مصداق قول الرسول عيه الصلاة والسلام:«لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لودخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: واليهود والنصارى يا رسول الله؟ ! قال: فمن الناس؟ ! » يعني: هم الذين لهم الصولة ولهم الدولة يومئذ، فصدق في أكثر المسلمين اليوم هذا الخبر لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر إلى آخره، فالمسلمون تفرقوا، ولذلك فإذ أنعم الله عز وجل عليك بالهداية العظمى، وهي الأولى أن أنقذك الله عز وجل من النصرانية الشركية الوثنية إلى الإسلام الذي أولاً يأمر الناس بعبادة الله وحده لا شريك له، ثم يأمر المسلمين كافة أن يُصَدِّقوا بكل الشرائع التي كانت قبل الإسلام، وليس كاليهود لا يؤمنون إلا بالتوراة، وليس كالنصارى لا يؤمنون إلا بالتوراة والإنجيل على ما فيهما من تحريف وتغيير وتبديل، فالمسلمون مأمورون ديانة أن يؤمنوا بكل ما أنزل الله من قبل، وبكل نبي أو رسول أرسلوا من قبل، فما دام أن ربنا عز وجل هداك الله لهذا الإسلام فيه عقيدة التوحيد أولاً، ثم بالشهادة للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بأنه رسول ونبي حقاً، فما عليك إذاً إلا أن تتابع الطريق وتعرف ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - مما اختلف فيه الناس، حتى تعرف في مذاهب الأحناف، شوافع، مالكية،