للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩]، هنا نكتة يذكرها بعض المفسرين رائعة جداً، لماذا ربنا عز وجل كَرَّر الفعل فيما يتعلق بطاعة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ولم يكرر الفعل في طاعة أولي الأمر، فقال: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} ما قال أطيعوا الله والرسول، قال: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} ما كرر الأمر بالطاعة مرة ثالثة، فلم يقل وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأطيعوا أولي الأمر منكم، لا.

النكتة أن طاعة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - باعتبار أنها وحي من السماء لا تقبل الخطأ، فمن أطاع الرسول يقيناً فقد أطاع الله، ولذلك قال: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}، أما أولي الأمر فطاعتهم لإطاعتهم للرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، فإن أطاعوا الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وجب علينا إطاعتهم، وإن لم يطيعوا الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يجب علينا إطاعتهم، وهناك حديث مشهور جداً: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» له مناسبة، أرسل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يوماً سرية أي: جيش صغير، وأمر عليهم أميراً، وأَمَّر المأمورين بإطاعة هذا الأمير، فأراد الأمير أن يجرب أفراد جيشه هل هم يطيعونه أم لا؟ فأمرهم بأن يأتوا بحطب يجمعونه من الصحراء فأمرهم بجمع الحطب فجمعوا، ثم قال لهم التفوا حوله فالتفوا، ثم قال لهم: أوقدوا النار فأوقدوا، ثم قال لهم: ألقوا أنفسكم فيها فتوقفوا، ونظر بعضهم إلى بعض، قالوا: والله ما آمنا برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلا فراراً من النار، أفنلقي بأنفسنا في النار، قال: والله لا نفعل حتى نسأل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فسألوا الرسول عليه السلام وقصوا عليه القصة: «والذي نفس محمد بيده! لو أنكم ألقيتم أنفسكم فيها ما خرجتم منها إلى أن تقوم الساعة، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».

الشاهد إذاً: طاعة الوالدين مثل طاعة ولاة الأمور، هؤلاء يطاعون في إطاعة

<<  <  ج: ص:  >  >>