أولاً: إن كان هناك نص عام كما أشرت إليه أنت في القرآن: {لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات: ١٣] وكان هذا النص يفيد أن المقصود بالتعارف فيه إنما هو ما اسمك وما اسم أبيك وما مهنتك وما كذا وأين تسكن وو، إلى آخره. حينئذ نقول كما قلت، نقول بقولك: إنه يجوز مثل هذا التعارف ولكن نشترط فيه شرطاً أساسياً في كل جزئية يمكن أن تدخل في نص عام، ذلك الشرط هو عدم الالتزام خشية أن تصبح سنة مطردة مستمرة.
نعتقد جازمين أن القرآن الكريم وسنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من حيث أنها طبقت عملياً أو لم يطبق تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ما كان من نصوص الكتاب والسنة مما ينبغي أن يتقرب به إلى الله تبارك وتعالى وأن يتعبد به تعبداً داخلاً في حكم من الأحكام المعروفة من المندوب إلى الفرض، لا شك أن مثل ذلك قد طبق في العهد الأول الأنور حيث أنزل الله عز وجل قوله تبارك وتعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة: ٣] إلى آخر الآية. وفهم منها السلف الصالح أنه لا يمكن الزيادة على ما كان عليه الأمر في عهد النبوة والرسالة مما يتعلق بهذا القسم الأول، من أجل ذلك جاء عن الإمام مالك إمام دار الهجرة تلك الكلمة التي تستحق كما كان يقال قديماً أن تكتب بماء الذهب لأهميتها وبالغ حكمتها، يقول رحمه الله: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً - صلى الله عليه وآله وسلم - خان الرسالة، اقرؤوا قول الله تبارك وتعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}[المائدة: ٣] فما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم