ما كفروا بلفظ القرآن، قال تعالى:{وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}[الأحزاب: ٤٠] ما كفروا بهذا اللفظ ولكن احتالوا عليه وعطلوا دلالته، ما كفروا بقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لا نبي بعدي» بل أيضًا فسروه بغير ما تلقاه المسلمون، فالآية السابقة، قوله تعالى:{وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}[الأحزاب: ٤٠] قالوا: معنى خاتم النبيين: أي: زينة الأنبياء، كالخاتم في الإصبع، ليس معناه أنه لا يأتي بعده نبي، فإذا عرضوا للأحاديث الصحيحة:«لا نبي بعدي» قالوا: معنى لا نبي بعدي: لا نبي معي، ولم يكن معه نبي، أما بعده يعني: بعد موته فيأتي نبي وقد جاء فعلًا.
إذًا: من مثل هذا المثال الحديث يظهر لكم أنه لا يكفي المسلم أن يفهم القرآن وحديث الرسول عليه السلام منفصلًا عن فهم سلفنا الصالح للقرآن وللسنة، من هنا تظهر الحكمة البالغة في ذكر الآية سبيل المؤمنين، وذكر الرسول الصحابة والخلفاء الراشدين حتى لا ينحرف المسلم في فهم بعض النصوص من الكتاب والسنة فيضل ضلالًا بعيدًا، والعصمة في ذلك هواتباع السلف كما قال عليه الصلاة والسلام في حديث الفرق:«ما أنا عليه وأصحابي» لم يقل: ما أنا عليه فقط، لأن الصحابة هم الذين نقلوا إلينا ما كان عليه الرسول عليه السلام وبَيَّنوه بيانًا لم يَدَعُوا لأحد بعد ذلك أن يأتي ويتفلسف ويفسر بعض النصوص حسب أهوائهم.
هؤلاء القاديانيون من انحرافهم عن الإسلام أنهم أنكروا خلقًا أنزل الله عز وجل سورًة باسم الجن، فأنكروا وجود هذا الخلق مع تصريح القرآن بذلك في غير ما آية، ويكفي السورة المذكورة آنفًا، هل أنكروا السورة؟ هل أنكروا قوله تعالى:{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا}[الجن: ١] هل أنكروا لفظة الجن المذكورة في هذه السورة، وفي آيات أخرى؟ الجواب: لا، لكنهم فسروا الجن بالذكر، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ