للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بواقعهم، فمعرفة الواقع هذا واجبٌ بلا شك من الواجبات التي يجب أن يقوم بها طائفةً من المسلمين كأي علمٍ من العلوم الشرعية، أو الاجتماعية، أو الاقتصادية، أو العسكرية، أيُ علمٍ ينفع الأمة المسلمة وبخاصة إذا ما تطورت هذه العلوم بتطور الأزمنة والأمكنة، فلا بد من أن يكون هناك علماء في كل هذه الفنون، ولكننا

سمعنا ولاحظنا انه صار هناك غلوٌ ويقابلهُ تفريط كما جاء في السؤال، الغلو الذي ينبع منه ما يظهر بأنهم يريدون من كل عالمٍ بالشرع يكون عالماً لما سموهُ بفقهِ الواقع، كما أن العكس أيضاً أوهموا السامعينَ بأن كل من كان فقيهاً بواقع العالم الإسلامي فيجب عليه أيضاً أن يكون فقيهاً في الكتاب والسنة، ومعنى هذا المنطق فيما أفهم من ظاهر ذاك الكلام الذي سمعناه أكثر من مره وربما قرأنا شيئاً منه أحياناً، ظاهر هذا الكلام أنه ينبغي أن يوجد هناكَ نبيٌ مصطفى مرسل من الله تبارك وتعالى إلى هذه الأمة، ذلك لأنه لا يمكن لأي عالمٍ مهما سمى وعلا وكان من بين الناس مصطفى ولكنهُ لم يبلغ أن يكون نبيا، كذلك لإجماع الأمة انه لا نبيَ بعده عليه الصلاة والسلام، ومعنى هذا أنه لا يمكن أن تصور وجود إنسانٍ كاملٍ بكل معنى هذه الكلمة، ومن ذلك انه يكون عالماً بكل هذه العلوم التي أشرنا إليها ويقتضيها هذه الكلمة فقهُ الواقع، كأن هذا الكلام يوجب على العالم بالشرع مثلاً أن يكون عارفاً بالاقتصادِ، والاجتماعِ، والسياسةِ، والنظم العسكرية، وطريقة استعمال الأسلحة الحديثة ووو إلى آخر ما هنالك، وما أظن إنساناً عاقلاً إذا تصور استحالة اجتماع هذه العلوم في صدر إنسانٍ كامل مهما كان كاملاً، هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>