الواجب العيني، ليس بالواجب الكفائي، الواجب الكفائي يأتي بعد الواجب العيني، فلذلك فالانشغال والاهتمام بدعوة الخاصة من الأمة الإسلامية إلى عناية بفرضٍ كفائي ألا وهو فقه الواقع وإهمال الاعتناء بالفقه الواجب عينياً على كل مسلم لما اشرنا إليه والحالة هذه إن في هذه الدعوة إفراطاً وتضييعاً لما يجب وجوبا عينيا على كل فرد من أفراد الأمة المسلمة، وغلواً في رفع شأن ما هو من الواجبات الكفائية.
ولذلك فأنا أرأى أن الأمر كما قال تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}[البقرة: ١٤٣] فقه الواقع يجب هذا بلا شك ولكن وجوباً كفائياً، إذا قام به بعض العلماء سقط عن سائرهم من العلماء فضلاً عن طلاب العلم، فضلاً عن عامة المسلمين، فلذلك يجب الاعتدال لدعوة المسلمين إلى معرفة فقه الواقع، ويجب الدندنة دائماً وأبداً أن كل العلماء وفي مختلف اختصاصاتهم ... يجب عليهم أن يكون كما جاء في الحديث الصحيح " مثل المؤمنين في تواددهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد" فهذا الجسد الواحد لا يمكن أن يشكل منه من أفراد الأمة إلا بالنظر إلى اختلافات الأنواع هذه، فمثلاً نحن بحاجة إلى ناس مفكرين وهم العلماء وعلى مختلف اختصاصاتهم، وبحاجة إلى منفذين كأيدي وأرجل ونحو ذلك وهم أفراد المجتمع، وبذلك يتحقق هذا المعنى الجميل الذي ضربهُ الرسول عليه السلام مثلاً، كمثل الجسد الواحد فالتعاون إذاً من عرفوا الفقه الشرعي ومن عرفوا الفقه الواقع هؤلاء يمدون هؤلاءِ بما عندهم من علم وهؤلاء يمدون أولئك بما عندهم من علم،