للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: قل: لا إله إلا الله، هذا مثال تقريبي وليس تحديدي، المهم: أن الدعوة إلى الله يجب أن تكون قبل كل شيء على علم: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: ٣٣] إذا لم يكن عاملًا عالمًا فسوف لا يكون عاملًا صالحًا، وفاقد الشيء كما يقال قديمًا لا يعطيه، فالذي ينبغي أن يكون داعيةً يجب أن يكون عالمًا، ثم لا يكفي هذا يجب أن يكون عالمًا بالكتاب والسنة ليس ببعض الآراء الفقهية المتأخرة فيقع في مثل ذاك القياس الذي سمعتموه آنفًا قاس الخادمة الكافرة الحرة على العبدة الكافرة وشتان ما بينهما.

هذا أولًا: أن يكون عالمًا، ثانيًا: أن يكون عالمًا بالكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح.

وأخيرًا: أن يكون عاملًا بعلمه، فإن الدعوة إلى الله تبارك وتعالى ولوكانت صحيحة مائة بالمائة إذا لم تكن مقرونة بعمل هذا الداعية فلا تؤثر التأثير المطلوب لجماهير الناس؛ لأن الناس يهتمون بالاقتداء بأهل العلم والفضل في أعمالهم أكثر من أقوالهم.

هذا ما يتعلق بطريق الدعوة إلى الله، أما ما يسمى اليوم بالتنظيم فالتنظيم له صورتان: لا شك أن أي عمل يراد الاستفادة منه فلا بد من تنظيم له كالدروس التي قد تلقى مثلًا في بعض المدارس أوفي بعض الجامعات هذا تنظيم؛ لأنه إن لم يفعل ذلك صار أمر التعليم فوضى، لا مانع من هذا التنظيم على الطريقة الموجودة اليوم في العصر الحاضر كما كان نحو ذلك قديمًا حيث كانت توجد الحلقات العلمية في كل المساجد التي كانت في البلاد، وأنا شخصيًا أدركت أكبر مسجد في سوريا وهو المعروف بالمسجد الأموي مسجد بني أمية، أدركت فيها حلقات متعددة صباحًا ومساءًا، هذا يدرس في تفسير، وهذا يدرس في الفقه الحنفي، وذاك في الفقه الشافعي، وإن كان لم يكن هناك إلا درس واحد في الأسبوع في الحديث النبوي وهكذا، وأما اليوم فقد أصبحت المساجد قاعًا صفصفًا ...

(رحلة النور ٣٧ أ/٠٠: ٠٠: ٤٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>