بل لقد وصل الخلاف إلى ما هو أشد من ذلك عند بعض المقلدين؛ مثاله منع التزاوج بين الحنفي والشافعية، ثم صدرت فتوى من بعض المشهورين عند الحنفية-وهو الملقب بـ:(مفتي الثقلين) -؛ فأجاز تزوج الحنفي بالشافعية، وعلل ذلك بقوله:
«تنزيلاً لها منزلة أهل الكتاب»! ومفهوم ذلك-ومفاهيم الكتب معتبرة عندهم- أنه لا يجوز العكس، وهو تزوج الشافعي بالحنفية؛ كما لا يجوز تزوج الكتابي بالمسلمة! !
هذان مثالان من أمثلة كثيرة، توضح للعاقل الأثر السيء الذي كان نتيجة اختلاف المتأخرين وإصرارهم عليه؛ بخلاف السلف، فلم يكن له أي أثر سيء في الأمة؛ ولذلك فهم في منجاة من أن تشملهم آيات النهي عن التفرق في الدين؛ بخلاف المتأخرين. هدانا الله جميعاً إلى صراطه المستقيم.
وليت أن اختلافهم المذكور انحصر ضرره فيما بينهم، ولم يتعده إلى غيرهم من أمة الدعوة، إذن؛ لهان الخطب بعض الشيء، ولكنه-ويا للأسف! - تجاوزهم إلى غيرهم من الكفار في كثير من البلاد والأقطار، فصدوهم بسبب اختلافهم عن الدخول في دين الله أفواجاً! جاء في كتاب «ظلام من الغرب» للأستاذ الفاضل محمد الغزالي (ص ٢٠٠) ما نصه:
«حدث في المؤتمر الذي عقد في جامعة «برينستون» بأمريكا أن أثار أحد المتحدثين سؤالاً- كثيراً ما يثار في أوساط المستشرقين، والمهتمين بالنواحي