في الجاهلية ثم لما بعث الله محمداً - صلى الله عليه وآله وسلم - بالإسلام هداه الله إلى الإسلام، ألا وهو عدي بن حاتم الطائي، فلما تلا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - هذه الآية كان عدي في المجلس فأشكلت الآية عليه؛ لأنه فهمها على غير المراد منها، قال: والله يا رسول الله ما اتخذناهم أرباباً من دون الله، لماذا قال هو هكذا؟ لأنه فهم أنهم اتخذوهم أرباباً يعني: يخلقون مع الله، الله رب العالمين أي: جعلوهم كرب العالمين، فبين لهم الرسول عليه السلام، أو بين له الرسول عليه السلام بأن المقصود بالآية الربوبية المتعلقة بالتشريع، فالله عز وجل كما أنه واحد في ذاته، وواحد في صفاته فهو أيضاً واحد في حكمه فليس لأحد حكم معه إطلاقاً، ولذلك ظهر اليوم العبارة العصرية أن الحاكمية لله عز وجل، وهذا فعلاً شيء جميل جداً، لم يتبادر هذا المعنى إلى عدي بن حاتم، ولهذا قال له عليه السلام حينما استغرب المعنى الذي يتبادر إلى ذهنه أنه المراد وحق له ذلك، لكن ليس هو المراد بالآية فقال له عليه السلام موضحاً ومبيناً:«ألستم كنتم إذا حرموا لكم حلالاً حرمتموه وإذا حللوا لكم حراماً حللتموه قال: أما هذا فقد كان يا رسول الله قال: فذاك اتخاذكم إياهم أرباباً من دون الله».
فاتباع الإنسان المسلم لشخص عالم لا يتعداه إلى غيره فيه كأنه رب العالمين له حق التشريع وليس هذا الحق لأحد من البشر إطلاقاً، حتى الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - إنما هو يحكي ما أوحي إليه من ربه كما قال عليه السلام في حديث في سنن أبي داود أن عبد الله بن عمرو بن العاص جاء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يوماً فقال: يا رسول الله! كنت في مجلسٍ فيه مشركون فقالوا لي تكتب عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ما يقوله في حالة الرضا والغضب؟ ! فقال له عليه السلام: «أكتب