للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواقع بين المقلدين، مما هو مشهور عنهم، بل هو ما قرره بعض متأخريهم من الحنفية، فقال الشيخ محمد الخضري في صدد الكلام عن دور التقليد وأهله:

« ... ولا يستجيز الواحد منهم لنفسه أن يقول في مسألة من المسائل قولاً يخالف ما أفتى به إمامه، كأن الحق كله نزل على لسان إمامه وقلبه! حتى قال طليعة فقهاء الحنفية في هذا الدور وإمامهم غير منازع وهو أبو الحسن عبيد الله الكرخي: «كل آية تخالف ما عليه أصحابنا فهي مؤولة أو منسوخة، وكل حديث كذلك فهو مؤول أو منسوخ» وبمثل هذا أحكموا دونهم إرتاج باب الاختيار».

وقد استولى هذا التوجيه الخاطئ على قلوب كثير من المقلدة، لا سيما في الأزمنة المتأخرة، بحيث صار من المعروف المشهور ردهم السنن الصحيحة اتباعاً للمذهب فإذا قيل لأحدهم: هذه المسألة التي ذكرتها خلاف السنة، بادرك بقوله: أأنت أعلم بالسنة من علماء المذهب؟ ! لا يجوز العمل بالحديث لغير المجتهد! هذا جوابهم جميعاً لا فرق في ذلك بين عاميهم وعالمهم!

وهم حين يجيبونك بهذا الجواب الذي لا يمكن أن يصدر ممن عرف قدر حديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - والأدب معه، يجهلون أو يتجاهلون أن الحديث الذي لم يأخذ به مذهبهم قد قال به مذهب آخر أو إمام آخر ليس هو دون مذهبهم أو إمامهم، فالذي ذهب إلى الحديث يكون قد أخذ به وبالمذهب الذي عمل به، بينما مخالفه إنما يعمل بالمذهب فقط! .

قد يقال: إن المذهب لابد له من دليل، ولكنا لا نعلمه، فنقول: إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>