للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان الأمر كما تقول فكيف يجوز لمسلم أن يترك الدليل الذي عرفه وهو حديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لدليل لا يعلمه، وقد يكون لو علمناه قياساً أو استنباطاً من عمومات أو كليات الشريعة لا ينهض تجاه الحديث إذ لا اجتهاد في مورد النص، وإذا ورد الأثر بطل النظر، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل؟

هذا التقليد الذي هو رد الحديث انتصاراً للمذهب ونحوه هو الذي يحرمه دعاة السنة، ويدعون المسلمين جميعاً إلى الخلاص منه، بالرجوع إلى اتباع السنة أينما كانت، وفي أي مذهب وجدت.

وأما تقليد المسلم من هو أعلم منه حين لا يجد نصاً عن الله ورسوله، أو حين لا يمكن الفهم عنهما فليس مما نحن فيه، بل لا يتصور أن يقول بتحريمه مسلم، لأنه مضطر إليه، والضرورات تبيح المحظورات، ولولا ذلك لصار الدين هوى متبعاً-والعياذ بالله تعالى-. ولهذا ذكر العلماء: «إن التقليد إنما يباح للمضطر، وأما من عدل عن الكتاب والسنة وأقوال الصحابة وعن معرفة الحق بالدليل مع تمكنه منه إلى التقليد، فهو كمن عدل إلى الميتة مع قدرته على المذكي، فإن الأصل أن لا يقبل قول الغير إلا بدليل إلا عند الضرورة».

١٠ - الفرق بين التقليد والاتباع:

ولا يليق بالعاقل البصير في دينه أن يفهم مما سبق من بيان تحريم التقليد، أن الاجتهاد واجب على كل مسلم مهما كان شأنه في العلم والفهم، فإنه خطأ بين، ويظهر أن الشيخ سبق إليه هذا الفهم مما بلغه من تحريم دعاة السنة للتقليد، فاستلزم من ذلك أنهم يوجبون الاجتهاد على كل مسلم، مهما كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>