للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منزلته في العلم، وذلك واضح من كلمته في هذه الفقرة وهو قوله: «وجب عليه الاجتهاد وحرم عليه التقليد» فجعل المحرم، هو الاتباع الواجب على كل مسلم، وبينهما فرق ظاهر، قال أبو عبد الله بن خويز منداد البصري المالكي:

«التقليد معناه في الشرع الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه، وذلك ممنوع منه في الشريعة، والاتباع ما يثبت عليه حجة، وقال في موضع آخر: كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده، والتقليد في دين الله غير صحيح، وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه، والاتباع في الدين مسوغ، والتقليد ممنوع».

وأما الاجتهاد فمن المعلوم أنه «بذل الوسع لمعرفة الحكم من كتاب الله وسنة رسوله» ولا شك أنه فرض كفائي لا يجب على كل مسلم، بل لا يستطيعه إلا القليل منهم، بل قد ندر المجتهدون اليوم بسبب غلبة التقليد على العلماء والقيود التي وضعوها للمجتهد، ومن العجائب أن الذين اشترطوا تحقق تلك الشروط في العالم حتى يسوغ له الاجتهاد هم من المقلدة الذين لا يدينون إلا بما قال إمامهم! فهم في الواقع متناقضون، يمنعون الاجتهاد ويوجبون التقليد، ثم هم يجتهدون ولا يقلدون، وليتهم إذا اجتهدوا أصابوا الحق ولم يخطئوه!

ويطول بنا المقال لو أردنا أن نذكر الأدلة على ذلك، فأكتفي بمثال واحد يراجع في التعليق.

<<  <  ج: ص:  >  >>