للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي أراه أن (الاجتهاد) ليس عسيراً كما يظن البعض بل هو ميسور لمن كان عنده أهلية الخطاب، وفهم أدلة ما يحتاجه من أدلة الكتاب والسنة، وبتعبير آخر إن الذي عنده أهلية لفهم كتب المذاهب وعباراتهم، سيما ما كان منها للمتأخرين فإنها تشبه الألغاز أحياناً، يستطيع أن يفهم كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فإنهما بدون ريب أبين وأوضح من كل ما سواهما من الكلام، خصوصاً إذا استعان على ذلك بكتب أهل العلم من التفسير، وشروح الحديث، وبمبسوطات الفقه، التي تتعرض لذكر أدلة المختلفين، كالمجموع للنووي، وفتح القدير لابن الهمام، ونيل الأوطار للشوكاني ونحوها، ومن أنفعها كتاب «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» للعلامة ابن رشد، فإنه إنما ألفه لإعداد طلاب العلم للوصول إلى رتبة الاجتهاد، كما صرح بذلك في الكتاب نفسه.

وخلاصة القول: إن الدعاة إلى السنة لا يوجبون الاجتهاد إلا لمن كان عنده أهلية، وإنما يوجبون الاتباع على كل مسلم، ويحرمون-اتباعاً للسلف- التقليد إلا عند الضرورة وعدم الوقوف على السنة، فمن نسب إليهم خلاف هذا فقد تعدى وظلم، ومن طعن فيهم بعد هذا فإنما يطعن في السلف، وفيهم الأئمة الأربعة وإن ادعى أنه سلفي! إذ ليست السلفية إلا فهم ما كان عليه السلف الصالح، ثم السير على ذلك، وعدم الخروج عنه.

ومما سبق يتبين للقارئ الكريم خطأ قول الأستاذ الطنطاوي في تمام الفقرة الرابعة: «وإن المحدثين كالصيادلة والفقهاء كالأطباء، والصيدلي يحفظ ... » فإن هذه الكلمة على إطلاقها تجرد المحدثين من صنعة الفقه والفهم لما

<<  <  ج: ص:  >  >>