المقلد إذا قيل له: قال الله وقال رسول الله أعرض ونأى بجانبه، أن يقال الشيخ قال الإمام خلاص هذا قلب الحقيقة الشرعية، وتقليداً للنصارى الذين نزل في حقهم قوله تعالى:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}[التوبة: ٣١].
الحقيقة مشكلة عويصة جداً؛ لأنه كان المفروض المذهب السلفي يستمر أثره إلى هذا الزمان، المذهب السلفي من اللي بيمثله؟ القرن الأول «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم» القرن الأول يا ترى كان فيه علماء مثل الأئمة الأربعة أم لا؟ بلا شك كان فيه علماء، لكن ما كان فيه مقلدين لهؤلاء العلماء، فالواحد قد يسأل من يسأله من هؤلاء العلماء فما فيه يومئذ بكري ولا فيه عمري ولا فيه عثماني ولا فيه علوي ولا فيه مسعودي من ابن مسعود إلى آخره، فلان عالم عرض له سؤال بيسأله، مرة ثانية عرض له سؤال ثاني .. عالم ثاني بيسأله، ما بيقول: لا. أنا لا أسأل غير أبو بكر، وذاك بيقول: أنا ما أسأل غير عمر إلى آخره.
هذا النمط من الحياة العلمية اللي عاشوها هؤلاء السلف كان المفروض إنه يتوارثها الخلف عن السلف، لكن مع الأسف انقطعت هذه الطريقة من اتباع للعلماء دون تعصب لواحد منهم من القرن الثاني تقريباً حيث صار لهؤلاء الأئمة الأربعة أتباع يتعصب كل طائفة منهم لإمامهم، ثم صار ديناً وصار واجب على كل مسلم أنه يتخذ أية مذهب، وإلا يضيع، تعرف ليش بنضيع؟ لأن هؤلاء كل العلماء اللي كانوا يسألوهم كانوا هداة نور، كانوا هم اللي بيهدوا سبيل الجاهلين، هذه النوعية لم تبقى ما بقى غير فلان حنفي فلان شافعي بده يضطر لعامة الناس إنه يسألوا هؤلاء، بينما لو كان فيه جو علمي بيسأل زيد بيسأل بكر بيسأل عمرو إذا شك في شيء بيقول له: ما هو الدليل آية حديث إلى آخره، هذا النمط مفقود اليوم من العالم الإسلامي مع الأسف إلا ما ندر.