للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى مرتبة الصحة، بمجيئه من طريق آخر، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآلة وسلم فقال يا رسول الله جاء يشكوا جاره، قال يا رسول الله، جاري ظلمني، انتبهو الآن قوله هذه المظلوم جاري ظلمني أليس طعناً، أليس غيبةً، بل هو غيبة، فانظروا ماذا كان موقف الرسول عليه السلام «قال: جاري ظلمني، قال: اخرج متاع دارك واجعله على قارعة الطريق» ففعل الرجل، والطريق بطبيعة الحال ما سميت طريقاً إلا لأنه مطروقاً، فكان كل ما مر ناس ورأوا هذه الظاهرة التي تلفت أنظارهم، قالوا ما لك يا فلان، قال جاري ظلمني، فما يكون منهم إلى أن يقولوا قاتله الله، لعنه الله، هذا طعن أم ليس طعناً؟ طعن فظيع، والجار الظالم يسمع كل هذه المطاعن، فما كان منه إلا أن ركض إلى النبي صلى الله عليه وآلة وسلم ليقول له: يا رسول الله أؤمر جاري بأن يعيد متاعه إلى داره، فقد لعنني الناس فقال عليه الصلاة والسلام: «لقد لعنك من في السماء، قبل أن يلعنك من في الأرض»، من مثل هذا الحديث والبحث طويل ولكن أوجزه ببيتين من الشعر كنت حفظتهما في شبابي، الشعر الفقهي الذي ينبغي

أن يحفظ لأنه سلس وجميل وفيه أحكام مجموعه، متفرقة في الكتاب والسنة، قالوا:

القدح ليس بغيبة في ستة ... متظلِّمٍ ومعرِّفٍ ومُحَذِّر

ومجاهرٍ فسقاً ومستفتيٍ ومن ... طلب الإعانة في إزالة منكر

القدح الغيبة: محرم، لكن في هذا الأشياء الستة ليس محرماً على هذا المبدأ الفقهي انطلق أئمة الحديث، حينما جَرَّحَوا، عَدَّلوا نصحاً للأمة، ثم كانوا من ورعهم وخوفهم من ربهم، لا تأخذهم في ذلك لومة لائم، فكون

<<  <  ج: ص:  >  >>