للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد كان الناس قسمين: عالم، وغير عالم، وهذا ما عناه الله عز وجل بقوله {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣].

يقول ابن القيم وغيره: بأن العلماء من الصحابة الذين كانوا يفتون الناس يعني بالكاد أن يبلغ عددهم مائتي شخص، مائتي عالم، والألوف المؤلفة والألوف المؤلفة ما كانوا كما هوشأن الملايين وليس الألوف لكثرة المسلمين ما شاء الله اليوم على وجه الأرض، ما كان هؤلاء الذين هم الألوف المؤلفة من الصحابة كل واحد بيعطى رأي، بيدي رأي، وإنما كانوا يطبقون قوله تعالى {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.

وبناءً على هذه الآية يجب أن ننشر هذه الحقيقة بين شبابنا السلفي ونعيشهم عليها بحيث تكون نصب أعينهم دائماً وأبداً أنت عالم تجتهد تفهم الكتاب والسنة ما أنت عالم إذاً ليس واجبك أن تقول أنا أرى كذا، وأنا اجتهدت فرأيت كذا، سواء كان ذلك في تصحيح حديث وهو ليس من أهل الحديث، أو كان في استنباط حكم وهو ليس من الفقهاء.

فعليه إذاً أن يحقق هذه الآية {فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} لأن هؤلاء الذين يتجرءون على الإفتاء وهم ليسوا من أهل العلم والإفتاء، مثلهم كمثل ذلك الرجل الذي دعا عليه الرسول عليه السلام بأن يهلكه الله عز وجل لأنه أفتى بفتوى قضى بسببها على نفس بريئة مسلمة، تعلمون هذا الحديث الذي رواه أبو داوود في «سننه» (١): «أن النبيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - أرسل سرية، فلما قاتلوا الكفار وأمسوا وأصبح بهم الصباح، قام أحدهم وقد احتلم وفي جسده جراحات كثيرة، فسأل من حوله هل يجدون له رخصة في أن لا يغتسل؟ قال لا بد لك من أن


(١) «صحيح السنن»: (٣٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>