للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تغتسل، فاغتسل فمات، فلما بلغ خبره رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فدعا عليه، فقال: قتلوه قاتلهم الله، ألا سألوا حين جهلوا، فإنما شفاء العَيِّ السؤال» هذا الحديث يجب أن يكون ماثلا دائما وأبدا أمام أعين طلاب العلم حتى لا يتجرؤوا على الإفتاء فيصيبهم مثلا ما أصاب ذلك الرجل الذي دعا عليه الرسول عليه السلام بأن يقاتله الله تبارك وتعالى.

والتجرؤ على الإفتاء يبدو مما سبق من الكلام يعود وباله على المفتي أولاً، وعلى المفتى به ثانياً، وحينئذٍ إذا استقر هذا المعنى في طلاب العلم الذين لم يصلوا إلى معرفة الكتاب والسنة وتتبع أقوال الأئمة والمفاضلة والمراجحة بينها، وإنما مجرد أن يقول أنا أرى كذا، وأنا فهمت كذا، هؤلاء ليريحوا أنفسهم من المصيبتين الذين أشرت لهما أولا أن يقعوا هم في الخطأ، وأن يوقعوا غيرهم في الخطأ وذلك بأن يسألوا أهل العلم ولا عليهم بعد ذلك أخطأ هذا الذي أفتاه أو أصاب، لأنه إن أصاب فبها ونعمت وإن اخطأ فإنما إثمه على مفتيه، فبدل أن يتحمل هو بنفسه لأنه أفتى بغير علم وورَّط الذي أفتاه بغير علم فليجعل، الإثم على غيره، إن أفتاه بغير علم.

وهذا لا يعنى أن لا يتحرى شبابنا في سؤالهم لأهل العلم أن يميزوا بين عالم وعالم، بين مدعي للعلم وعالم حقيقة، وبين عالم بمذهب وجهال للكتاب والسنة، هذه قضية أخرى المهم أن يسأل من يثق بعلمه، ويثق بدينه، حين ذاك لا يقع في المشكلة التي وقع فيها ذاك الذي أفتى بأنه لا بد أن يغتسل، ولجهله بالسنة، لم يفته بجواز التيمم لأن الماء يضره، وفعلاً أضره وكان سبب وفاته، فهذه كلمة ولعلي أطلت بها فأرجوا من الله عز وجل أن يوفقنا للعمل بالعلم النافع، وأن يعرفنا بذوات أنفسنا، وألا يجعلنا من المغترين بها؛ لأن الغرور مهلكهٌ ما بعدها مهلكة.

(الهدى والنور /١٨١/ ٥١: ١٦: ٠٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>