للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عليه السلام في الحديث الصحيح: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإذا قالوها فقد عصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم عند الله تبارك وتعالى».

في الوقت الذي بعث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لدعوة الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له وبعث بالسيف أيضاً إنه لم يبعث بالسيف إلا كوسيلة لتحقيق الدعوة بمعنى: أن قتال المسلمين للكفار ليس غاية إنما الغاية الوحيدة هو دعوة الكفار إلى الإيمان بالله عز وجل، فمن استجاب فكما جاء في الأحاديث: «فله ما لنا وعليه ما علينا»، ومن أبى وله أن يأبى بدليل الآية المعروفة: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ» [البقرة: ٢٥٦] فإن أبى خير بين أمرين اثنين: إما أن يدفع الجزية عن يد وهو صاغر وإما السيف، فالسيف جاء في المرحلة الثالثة، هذه نقطة يجب أن نفهمها جيداً لأن أعداء الإسلام من الغربيين أو المتغربين يتخذون شبهةً مثل هذا الحديث ويزعمون أن الإسلام انتشر بقوة السيف.

السيف يأتي كما رأيتم في آخر مرحلة من وقف في طريق الدعوة فوقفنا في وجهه بالسيف، ومن ترك طريق الدعوة مفتوحاً يمشي إلى آخر المدى فيترك وشأنه على أن يثبت للحكم الإسلامي أنه خاضع لأحكامه ودليل على ذلك أنه يدفع الجزية عن يد وهو صاغر.

هذا معروف من أحكام الإسلام، حينئذ نعود إلى ما كنا في صدده [انقطاع] ابتلوا بحاكم يحكم بغير ما أنزل الله، وكان عندهم من الاستعداد الروحي والمادي ما يمكنهم من أن يقيموا دولة الإسلام فلا يجوز لهم أن يُحَقِّقوا ثورة أو انقلاباً وإنما عليهم أن يدعوا الحاكم إلى حكم الإسلام وأن يُخَيِّروه إما أن

<<  <  ج: ص:  >  >>