للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأبرياء والنساء والأطفال ونحو ذلك.

لذلك كان مما توارثه الخلف عن السلف في عقائدهم أنه لا يجوز الخروج على الحكام، ليس معنى ذلك أن أصل الخروج غير جائز وإنما معنى ذلك أن هذا الخروج يترتب منه مفسدة دون أية مصلحة، وإلا لو افترضنا صورة أن أمة أو جماعة من المسلمين استعدوا الاستعدادين اللذين أشرنا إليهما آنفاً في الإجابة عن قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: ٦٠] استعدوا استعداداً كاملاً بحيث أنه غلب على ظنهم بأنهم يستطيعون أن يقلبوا نظام الحكم، حينئذ تأتي مرحلة لا يمكن إلا القول بها، ولا يسبقن إلى أذان أحد أنني سأقول إن هذه المرحلة هي تحقيق ثورة أو تحقيق انقلاب لا.

لا يوجد كما صَرَّحت لذلك في بعض تعليقاتي وكتاباتي لا يوجد في الإسلام شيء اسمه انقلاب عسكري أو ثورة دموية أو نحو ذلك، ولكن كل ما يستطيع أن يفعله هؤلاء الذين استعدَّوا هذا الاستعداد بِشُعْبَتيه بطرفيه الاستعداد الروحي والاستعداد المادي بحيث أنهم يستطيعون أن يزيلوا عن الحكم الحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله ليس بثورة ولا بانقلاب وإنما كما قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥].

الإسلام بلا شك جاء لتكون كلمة الله هي العليا، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الثابت: «بُعِثْتُ بين يدي الساعة بالسيف حتى يُعْبَد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجُعِل الذل والصغار على من خالف أمري، فمن تشبه بقوم فهو منهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>