للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال عز وجل: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: ١١٨ - ١١٩].

والاختلاف خلافان: الأول: اختلاف تراحم وتفاهم، والآخر: اختلاف تعارض وتضاد وتعادي، الأول هو الذي لا مناص منه وهو الذي كان عليه سلفنا الصالح، كانوا مختلفين ولكنهم لم يكونوا متعادين ولا متفرقين بسبب الخلاف لما سمعتم من الآية السابق: {وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: ٣١ - ٣٢] فإذا كان سلفنا الصالح وعلى رأسهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - اختلفوا فلا مجال لجماعة أو لعصر أو لقرن ألا يختلفوا ولكن يسعهم ما وسع أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حين اختلفوا ألا يتعادوا وألا يتباغضوا، هذا الاختلاف لا بد منه، يجب على عامة المسلمين أن يعرفوا ذلك، ولا يستنكروا أي خلاف يسمعونه بين عالم وآخر؛ لأن هذه من طبيعة البشر التي طبعهم الله عليها كما سبقت الإشارة إلى ذلك في الآية السابقة.

إذ الأمر كذلك فماذا على عامة المسلمين حينما يرون مثل هذا الاختلاف؟ هنا بيت القصيد من كلمتي حينما قلت: إنه لا توعية ولا ثقافة عامة، فعامة المسلمين إلى ما قبل نحو ربع قرن من الزمان كانوا يعيشون على المذهبية الضيقة، كل فرد من ملايين المسلمين قانع بمذهبه، هذا حنفي وذاك شافعي إلى آخره، أما الآن فقد وجدت والحمد لله مبادئ الصحوة .. لا أقول: وجدت في الصحوة، أقول: وجدت مبادئ الصحوة، فتنبهوا لأشياء لم يكن من قبلهم متنبهًا لها، ولكن هذا التنبه يحتاج إلى تتمة، هذه التتمة هو ما أنا بصدد بيان

<<  <  ج: ص:  >  >>