فمثالنا بالنسبة لما سبق من عموم قوله عليه الصلاة والسلام:«حفوا الشارب وأعفوا اللحى وخالفوا اليهود والنصارى» فكثير ما جاءت الأحاديث تتحدث عن شمائل الرسول عليه السلام وعن صفته وعن خلقه وإلى آخره، ومن ذلك: أنه كان يقص شاربه كما كان إبراهيم عليه السلام يفعل، ولا تتعرض هذه الأخبار إطلاقاً بأن لحيته عليه الصلاة والسلام كانت طويلة أو قصيرة.
نذكر ما لنا وما علينا، لا تتحدث هذه الأخبار بشيء من هذا وهذا، لكننا نقول: إن كون الرجل قصير اللحية أمر يغلب في بعض البلاد العربية والبلاد الحارة، والعكس تماماً كما هو مشاهد بالنسبة لبعض البلاد الأخرى الباردة فيغلب عليها ضخامة اللحية وكثتها وطولها أيضاً، فقصر اللحية مما لا يلفت النظر بخلاف طول اللحية خاصة إذا كان طولها طول زائد يلفت الأنظار.
وصل بنا الحديث إلى ذكر الضابط لمعرفة أن السلف لم يعملوا بجزء لنص عام، قلنا: قد يكون هناك رواية تنبه إلى أن ذاك الجزء لم يعمل به وضربنا مثلاً لهذا بحديث جابر في صحيح مسلم أنه لم يكن في زمن الرسول عليه السلام أذان لصلاة العيد ولا الصلاة جامعة ولا شيء من ذلك، مثل هذا التنبيه على نفي شيء مما أحدثه الناس مثل هذا النص نادر وجوده يعني بالنسبة لكثرة البدع التي عَمَّت وطَمَّت، فكيف يمكننا أن نعرف إذاً أن جزءً من أجزاء النص العام لم يجر عليه العمل؟
ذكرنا بأن ذلك إنما يتمكن من معرفته أهل الحديث الذين قضوا حياتهم في التعرف على ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام في حياته، وأقول الآن وبتعبير آخر: كلما استفدناه من كلام الإمام حقاً ابن قيم الجوزية حينما سئل: هل