من تصرفاته ألا نبادر إلى نهره، ثم إلى مقاطعته، بل يجب علينا أن نسلك طريق النصح الذي ابتدأنا هذه الكلمة بالحديث: الدين النصيحة الدين النصيحة، فإن نصحناه فتجاوب معنا فذلك ما نبغي، وإن لم يستجب فليس علينا من سبيل، ولا يجوز لنا أن نبادره وأن نقاطعه، بل علينا أن نظل معه نتابعه بالنصحية ما بين الفينة والفينة، ما بين آونة وأخرى، حتى يستقيم على الجادة.
نحن نلاحظ في كثير من جلساتنا الخاصة فضلاً عن غيرها بأن شخصين متنازعين في مسألة كل واحد يريد أن يجر الموضوع إلى صالحه، فهو لا يطرحه متجرداً عن أن يكون له أو عليه، كما هو المفروض أن يكون البحث للوصول إلى الحقيقة التي أمر الله تبارك وتعالى، وليس لأظهر أنا أني أنا المحق وذاك هو المخطئ، ولذلك يجب أن نتذكر بهذه المناسبة بعض الآيات وبعض الأحاديث الصحيحة التي ما أظن أن أحداً منا تخفى عليه علماً، ولكنها تخفى عليه تطبيقاً وعملاً، ولذلك فإني قد استحضرت استعانة أو إعانة من ذاكرتي الضعيفة ببعض النصوص من الآيات الكريمة التي تفيدنا في هذا الصدد، وتعود بنا إن شاء الله إلى أن نكون يداً واحدة، وصفاً واحداً لا يقاطع أحدنا أحداً من إخوانه، بل يتابعه بالموعظة والنصيحة.
فكلنا يعلم قول الله عز وجل:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الحجرات: ١٠] التقوى هنا هي أمر عام بالابتعاد عن كل مخالفة لله عز وجل ولنبيه - صلى الله عليه وآله وسلم -، ومن ذلك الاتباع لما أمر الله عز وجل ونبيه من الهدى والنور، ومنه ما قدمه بين يدي الأمر بالتقوى «وأصلحوا بين أخويكم»، فينبغي محاولة الإصلاح بين الإخوة إذا ما بدر بادرة تدل على أن هناك شيء مما يوحي