للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا وهو قوله: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [آل عمران: ١٠٣] كنا كما يعيش اليوم أكثر المسلمين وهم مسلمون، لكنهم كثيرون منهم إن لم نقل أكثرهم يصدق فيه قوله تبارك وتعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: ١٠٦] فنحن والحمد لله قد أنقذنا الله عز وجل من الشرك بل من كل أنواع الشرك، فهذه من أكبر النعم علينا، ولكن علينا أن نحقق تمام نعمة الله علينا بأن نتفق وألا نختلف، كما تأمرنا هذه الآية في مقدمتها: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: ١٠٣].

مما يؤكد، أو مما يكون سبباً للمحافظة على وحدة الصف ووحدة الكلمة ولو صدر من هناك ما يوحي بالخلاف قلت آنفاً: التناصح في دين الله عز وجل، لكن هذه النصيحة يجب أن تكون كما أمر الله عز وجل في الآية التالية: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: ١٢٥] {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} هذا نقرؤه في القرآن دائماً وأبداً، لكننا مع الأسف كثيراً ما نخرج عن الآية، ولا نطبقها، ولا ندعو إخواننا في المشرب وفي المنهج السلفي فضلاً عن غيرهم نادراً ما نسلك هذا السبيل وهذا الطريق الذي أمرنا الله تبارك وتعالى به.

{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥] المجادلة بالتي هي أحسن تتطلب ما قلناه آنفاً: شيء من التسامح، وهذا التسامح يستلزم منا شيئين اثنين:

<<  <  ج: ص:  >  >>