أَنْفُسُهُمْ} [النمل: ١٤] فمن تبينت له حقيقة من حقائق الشريعة ثم كابر وأنكر فهذا هو الكافر، ونحن كأفراد لا نستطيع أن نحكم بأنه زيد من الناس هذا كافر، إلا إذا أعلن بلسانه صراحة كأن يقول: هذا الذي تقوله حق لكن أنا لا أؤمن به، هذا يكون كافراً.
نأخذ مثلاً بعض المسائل الخلافية المعروفة قديماً وحديثاً: بعض الأشاعرة الذين ينكرون علو الله على خلقه، تعرف هذه المسألة؟ هؤلاء بلا شك هم ضالون، في قولهم هذا، وإنكارهم لعلو الله على خلقه، لكن لو أتيتهم بالآيات والأحاديث هم يسلمون بها ولكن يقولون: أنتم تفهمونها على وجه ونحن نفهمها على وجه، وهكذا قل على الذين ينكرون رؤية الله في الآخرة، والمعتزلة الذين ينكرون هذا أو هذه الرؤيا وينكرون أن كل شيء بقدر، كل هؤلاء لا ينكرون نصوصاً مقطوع ثبوتها ليس فقط عند غيرهم، وإنما عندهم، ليست مقطوع بثبوتها، فهؤلاء لم يكن من عقيدة السلف الصالح تكفيرهم، وإنما كانوا يُضَلِّلونهم ويُكَفِّرون من تَبَيّن لهم عناده وإصراره على إنكار الحق.
فإذا عرفنا هذه الحقيقة فنحن لا نستطيع أن نقول: من كان سلفياً فهو المسلم أما الخلفي فليس بمسلم، لا، لكننا نقول: أولاً: هؤلاء الخلف منهم من لا يعرف ما السلف وما الخلف، يعني: ذهنه خالي، والدعوة لم تبلغه كما بلغتنا نحن السلفيين، وأنا يبدو لي أن هناك في بعض البلاد الإسلامية حماس للدعوة السلفية حماس عاطفي غير علمي، ولذلك فينبغي أن نكبح جماح نفوسنا ولا نتوسع في إطلاق كلمة الكفر على غيرنا، وإنما نحن في قرارة نفوسنا نحمد الله عز وجل أن هدانا لهذا الحق الذي اختلف فيه الناس، ثم يكون موقفنا بالنسبة للآخرين موقف المشفقين كالطبيب العارف بمرض المريض، فهو يشفق عليه