(فيعرض هذا عن هذا، وهذا عن هذا) يعني يتجاهل أخاه الذي مر به.
لا يحل هذا العمل بعد ثلاثة أيام.
(وخيرهما الذي يبدأ أخاه بالسلام) هذه الجملة الأخيرة من الحديث تعطينا شيئين اثنين:
الشيء الأول: أن هذا الهجر المحرم يزول بمجرد أن يسلم عليه، وهذه سياسة شرعية حميدة جداً؛ لأنه من الصعب تأليف القلوب المتهاجرة المتباغضة فجأة، لكن الشارع الحكيم قدم المفتاح السهل، وهو أنه إذا خاصمت أخاك في أمر دنيوي، ومضى على ذلك فوق ثلاثة أيام، فهذا حرام عليك، وعليك أن تقطع المقاطعة، وأن تقطع المهاجرة، وليس من الضروري أن تذهب إلى بيته، هذا حسن، وهذا جميل، وأن تعتذر إليه، لكن هذا يحتاج إلى إيمان قوي جداً، وهذا قلما يوجد في الناس، فسهل الشارع الحكيم سبيل الخلاص من هذه المهاجرة والمقاطعة؛ لأنك إذا لقيته في الطريق بادرته بالسلام، السلام عليكم، فقد ارتفع الإثم، هذا يؤخذ من قوله:«وخيرهما الذي يبدأ بالسلام» لا شك أن أفضلهما هذا الذي ابتدأ السلام، فهذا الذي ابتدأ السلام انتقل من مرحلة ارتكابه الحرام إلى مرحلة دخوله في طريق الإسلام، في مؤاخاته لأخيه المسلم، الآخر بلا شك هو أيضاً مدابر ومهاجر لأخيه، الآخر الذي ألقي عليه السلام من الأول ... الآخر الذي يرد السلام أثم هذا، ونجا ذاك من الإثم، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، فإذا زال إثم المهاجرة والمقاطعة بإلقاء السلام، فتكون هذه عادة الخطوة الأولى في التلاقي مرة أخرى، ولو بالسلام، ثم ربما بالمصافحة التي تعتبر من أقوى الأسباب في نيل المغفرة من الله تبارك وتعالى، حيث قال عليه الصلاة والسلام: