هذه جملة معترضة لنقيس أنفسنا اليوم مع أدب ذلك السلف الصالح بعضهم مع بعض ففي كثير من المجالس لا يكاد يطرح سائل ما سؤالًا ما إلا ويبتدر بالجواب بعض الأقزام ضعاف العلم وهم يرون هناك علماء فحولًا لا يسكتون ليتكلم من يحق له الكلام، انظروا الفرق بين هذا الزمان وبين ذاك الزمان، إن أبا موسى لما رأى ما أنكره قال: حتى أستشير من هو أعلم مني وهو عبد الله بن مسعود لذلك لما قال ابن مسعود له: أفلا أنكرت عليهم أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء؟ قال له: لا، انتظار أمرك أو انتظار رأيك.
فرجع ابن مسعود إلى داره وخرج متلثما لا يرى منه إلا عيناه حتى دخل المسجد ورأى ما وصف له حينئذٍ كشف عن وجهه القناع واللثام وقال: ويحكم ما هذا الذي تصنعون أنا عبد الله بن مسعود صحابي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قالوا وصدقوا فيما قالوا وهذا شأن كثير من الذين يكونون مخلصين في ابتداعهم لكن يكونون متبعين على غير هدى من ربهم، قالوا لما سمعوا إنكار ابن مسعود البالغ عليهم قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلى الخير، هنا الشاهد من هذه القصة أن مجرد قصد الخارج في سلوك طريق ما لم يسلكه.
الشيخ: .. أن يكون على الكتاب والسنة، لهذا قال ابن مسعود ردًا عليهم في قولهم: والله يا أبا عبد الرحمن - كنية عبد الله بن مسعود - يا أبا عبد الرحمن! ما أردنا إلا الخير قال: وكم من مريد للخير لا يصيبه، حكمة بالغة وكم من مريد للخير لا يصيبه، هذا كما قيل قديمًا:
ترجوا النجاة ولم تسلك مسالكها ... إن السفينة لا تجري على اليبس
لا بد للسفينة من ماء سائل فتسير وتمشي فيه، هكذا لا بد للمسلم من أن