وكذلك جاءت الأحاديث بالإِخبار عنهم بأَنهم كانوا إذا سلَّموا إنما يقولون:«وعليكم»(١)، وإنما يستجاب لنا فيهم، ولا يستجاب لهم علينا، والغرض أن الله تعالى نهى المؤمنين عن مشابهة الكافرين قولاً وفعلاً».
وقال شيخ الإِسلام عند هذه الآية ما مختصره (ص ٢٢):
«قال قتادة وغيره: كانت اليهود تقوله استهزاءً، فكره الله للمؤمنين أن يقولوا مثل قولهم، وقال أيضاً: كانت اليهود تقول للنبي - صلى الله عليه وسلم - راعنا سمعك، يستهزئون بذلك، وكانت في اليهود قبيحة , فهذا يبين أن هذه الكلمة نُهِيَ المسلمون عن قولها، لأن اليهود كانوا يقولونها، وإن كانت من اليهود قبيحة، ومن المسلمين لم تكن قبيحة، لما كان في مشابهتهم فيها من مشابهة الكفار وتطريقهم إلى بلوغ غرضهم».
وفي الباب آيات أخرى، وفيما ذكرنا كفاية، فمن شاء الوقوف عليها فلينظرها في «الاقتضاء»(ص: ٨ - ١٤ و ٢٢ و ٤٢).
فتبين من الآيات المتقدمة أن ترك هدي الكفار والتشبه بهم في أعمالهم وأقوالهم وأهوائهم؛ من المقاصد والغايات التي أسسها وجاء بها القرآن الكريم، وقد قام النبي - صلى الله عليه وسلم - ببيان ذلك وتفصيله للأمة، وحققه في أمور كثيرة من فروع الشريعة، حتى عرف ذلك اليهود الذين كانوا في مدينة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وشعروا أنه عليه السلام يريد أن يخالفهم في كل شؤونهم الخاصة بهم، كما روى أنس بن ملك رضي الله عنه:
(١) في هذا الإطلاق نظر يُراجع له ما أوردته في ((الصحيحة)) (٢/ ٣٢٤ / ٣٣٠).