للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيء الثاني الذي أُريد أن أُلفت النظر إليه، وهذا قلما نتطرق إليه؛ لأنه في الحقيقة أمر لا يخفى على كل المسلمين مهما كانت مذاهبهم ومهما كانت طرقهم، ولذلك فنحن نادراً ما نُذَكِّر به، وعلى العكس من ذلك إنما ندندن في التذكير حول أمور الناس عنها غافلون، فلا يحسن أن نتحدث عن الزنا وعن السرقة وشرب الخمر؛ لأنها موبقات وذنوب وكبائر لا يوجد في المسلمين من يجهل ذلك، لكن على طريق الوعظ والتذكير لا بأس، لكن الذي يجب التحديث به والدندنة حوله دائماً وأبداً هوإذا رأينا الناس قد انقلبت عليهم المفاهيم، كما أشار إلى ذلك رب العالمين بمثل قوله عز وجل: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا)) * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: ١٠٣ - ١٠٤].

فاليوم المسلمون في غفلة ساهون، هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ولكنهم في الواقع يسيئون صنعاً في كثير من العبادات أكثرها بروزاً وأكثرها تكراراً ووجوباً هي الصلاة فلا تكاد في جماهير المصلين تجد فيهم من يحقق أمره عليه السلام في الحديث الصحيح في البخاري: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، ولذلك إن كان يحسن أن نقول: «من ترك الصلاة فقد كفر»، تحذيراً من ترك الصلاة، هذا واجب؛ لأن كثيراً من الناس اليوم لا يعبؤون بالصلاة ولا يقيمونها، ولكن يجب تنبيه المصلين أنفسهم؛ لأنهم يصلون ولا يصلون، هذه هي المشكلة، يصلون ولا يصلون كما قال عليه الصلاة والسلام لذلك الرجل الذي اصطلح العلماء على تسمية حديثه بحديث المسيء صلاته.

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه «أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يوماً في المسجد فدخل رجل وقام يصلي ولما انتهى من

<<  <  ج: ص:  >  >>