للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا في قدرته ولو كان هذا في قدرته لما شاب إنسان على وجه الأرض، لكنها كما قلنا سنة الله في خلقه، فكيف عالج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هذه الظاهرة؟ قال: «فخالفوهم» بماذا؟ بالصبغ، بالحناء والكتم ونحو ذلك من الأصباغ: «إن اليهود والنصارى لايصبغون شعورهم فخالفوهم» إذن هنا شيء هو مخالفة المسلم للكافر، فهذا أمر مستحب في الجملة وقد يكون واجبًا بخصوص مكان ما كما قال الإمام أحمد في هذه الجزئية خاصةً بأن المسلم يجب عليه أن يصبغ شعره سواء شعر رأسه أو لحيته لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد أمر بذلك أمرًا خاصًا، كذلك قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر: «حفوا الشارب وأعفوا اللحى وخالفوا اليهود والنصارى» قد يفعل كثيرٌ من النصارى مايفعل المسلمون يعفون عن لحاهم وقد يقصون شاربهم، فيقول بعض المائعين في هذا العصر [إي] الآن صار الكفار مثلنا نحن

نعفي عن لحائنا وهم أيضاً يفعلون ذلك، فنقول الأصل أن نتبع شرعنا وأن يتشبه غيرنا بنا وليس العكس أن نتبع شرع غيرنا ونتشبه بهم، فحينما يتشبه المسلم بالكافر فذلك ضعف منه ودليل على عدم إعتزازه بدينه وأحكام شريعة ربه، أما إذا تشبه الكفار بالمسلمين وذلك بلاشك قوة للإسلام وعزة للمسلمين، فقول الرسول في هذا الحديث الثاني وخالفوا اليهود والنصارى دليلٌ كما يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله أن المخالفة أمر مقصود من الشارع الحكيم، ونجد هذا في شيء آخر ليس من باب الوجوب وإنما هو من باب الاستحباب ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود» فقد أمر عليه الصلاة والسلام المسلمين أن لايتنطعوا في دينهم، وأن لا يتكلفوا الصلاة حفاةً، وإنما يصلون كما يتيسر لهم، إن دخلوا المسجد حفاةً صلوا حفاةً ولم يتكلفوا التنعل، وإن صلوا في المصلى في الصحراء في العراء فلا يتكلفون خلع النعلين وإنما كما يتيسر لهم، بعض الناس حتى هذا الزمان

<<  <  ج: ص:  >  >>