للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم.

فنحن نعلم من بعض الأحاديث النبوية أن قصد مخالفة المشركين في عاداتهم غاية مشروعة في الإسلام؛ لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يعلل بمخالفة الكفار بعض الأوامر التي أمرنا بها، من مثل ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود» هناك فرق كبير كما يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه: اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم: بين أن يكون الرسول عليه السلام قال: «صلوا في نعالكم» فقط، وبين أن يكون كما صح عنه: «صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود» فإن هذا الشطر الثاني من الحديث يعطينا ويوحي إلينا بأن مخالفة اليهود غاية مشروعة؛ ولذلك كانت الحكمة في عدم الاقتصار على قوله فقط: «صلوا في نعالكم» وإنما أضاف إليها: «وخالفوا اليهود»؛ لأن في هذه ضميمة ألا وهو قوله عليه السلام: «وخالفوا اليهود» إشعار بأن من مقاصد الشارع الحكيم أن يقصد المسلم مخالفة اليهود.

كذلك مثلاً في الحديث الآخر المشهور وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «حفوا الشارب وأعفوا اللحى وخالفوا اليهود والنصارى».

والأحاديث بهذا المعنى كثيرة وكثيرة جداً حتى وصل الأمر بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - واهتمامه في هذه المسألة إلى أنه أمرنا بمخالفة اليهود في شيء ليس من عملهم وليس من صنعهم وكسبهم وإنما هو من خلق الله عز وجل فيهم ذلك قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم» وقد جاءت أحاديث معروفة في الحض على تغيير الشيب، لكن المهم من هذه الأحاديث حديثنا هذا؛ لأنه يؤكد لنا المعنى الذي ذكرته آنفا ألا وهو أن قصد المسلم مخالفة غير المسلمين هو حكم شرعي عام بدليل أن اليهود والنصارى يشيبون كما يشيب

<<  <  ج: ص:  >  >>