للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُبَرِّر له أن يُكَثِّر سواد الكفار ويقلل سواد المسلمين، والحكام المسلمين هم يمثلون أفراداً قليلة جداً جداً بالنسبة للمجتمع الإسلامي، ثم إن مهاجرة المسلمين إلى تلك البلاد ليست في حدود الضرورة التي أنت أشرت إليها آنفاً، فإننا نعرف منذ عشرات السنين أن أمريكا سميت ببلاد المهجر وأن الذين ذهبوا إليها غير مضطرين لاكتساب العيش الطيب الواسع سموا أنفسهم بأنهم مهاجرون، وبالنتيجة سمي مكان هجرتهم بالمهجر، هذا قلب للحقائق الإسلامية التي تقول بأن المسلم إذا كان كافراً قبل إسلامه يعيش مع قومه الكفار ثم هداه الله فأسلم فعليه أن يبادر إلى الهجرة إلى بلاد الإسلام، فكيف بنا نحن نعكس الآن النظام الإسلامي هذا فنرى أنه لا بأس للمسلمين أن يهاجروا من بلادهم مهما كان وضع بلادهم من حيث حكامهم، لا يجوز هذا إطلاقاً.

أما الضرورات فلها أحكامها، والضرورات تبيح المحظورات ولكني أرى شيئاً آخر في هذه المناسبة وهي لا تخفى فيما أظن أيضاً على إخواننا الحاضرين جميعاً أنهم قد يدخلون في مسمى الضرورة ما ليس منها، أي: لكي لا يقع فيما يضطر فيه هو يرتكب المخالفة، وهذا لا يخفاكم جميعاً ليس هي الضرورة، الضرورة هي التي وقع الإنسان بين شرين لا بد أن يختار أحدهما، فحينئذ يقال لهم: الضرورات تبيح المحظورات بناء على قوله تعالى: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩].

أما أنا فخشية أن أُصَاب بالفقر وخشية أن أوذى فأنا أخالف الشريعة فأهاجر إلى بلاد الكفر، أو مثلاً أنا أجمع المال الحرام حتى ما أقع في ضيق من العيش هذا ليس من الضرورة في شيء إطلاقاً.

الذي ذكرتموه من اللبنانيين أو غيرهم أنا أعتقد أنهم ما وقعوا في الضرورة؛

<<  <  ج: ص:  >  >>