القرية الفاسد أهلها إلى القرية التي دُل عليها، وهذا يؤكد بأنه كان مخلصاً في سؤاله عمن يدله على سبيل التوبة، فانطلق يمش، يقول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -: «فجاءه الموت وهو في الطريق، فتنازعته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، كلٌ يدعي أنه من حقه أن يقبض روحه» والأمر واضح ما يحتاج إلى شرح، «فأرسل الله -عز وجل- إليهم، ملكاً ليحكم بينهم، فقال: قيسوا ما بينه وبين كلٍ من القريتين فإلى أيهما كان أقرب فألحقوه بأهلها، فكان أقرب إلى القرية الصالح أهلها بمقدار شبر» هي ميلة الإنسان في أثناء سيره؛ لأن الإنسان لا يمشي هكذا، وإنما يمشي هكذا، فكان أقرب إلى هذه القرية الصالح بهذا المقدار، فتولته ملائكة الرحمة، فإذاً الجو الصالح، والجو الفاسد كما هو يؤثر من الناحية البدنية الطبية فهو كذلك يؤثر من الناحية الروحية المعنوية تماماً، والأطباء الماديون هم خريتون ويهتمون جداً جداً في تحذير الناس من أن يستوطنوا أرضاً موبوءة، ولكنهم لا يلتفتون إلى الوباء المعنوي، وإنما هذا من وظيفة الأنبياء والرسل الذين جاؤوا لإصلاح القلوب، فجاء -عليه الصلاة والسلام- إذاً بمثل هذه الأحاديث لكي يعلم المسلمين أن لا يخالطوا المشركين، وأن لا يساكنوهم؛ لأن الطبع سراق، أرادوا أم ما أرادوا، وأنا أذكر بهذه المناسبة قصة وقعت لي تؤكد لكم هذا المعنى الذي دندنت حوله هذه الأحاديث الصحيحة هي أنني قدر لي أني ذهبت إلى
بريطانيا في سبيل الدعوة والاتصال مع الجاليات الإسلامية هناك، فدللت على داعية في بلدة تبعد عن لندن نحو مائة وعشرين كيلو متر، وكان الشخص الذي يممنا شطرنا إليه رجلاً مسلماً من جماعة الشيخ المودودي -رحمه الله-، وكان الوقت يومئذٍ شهر رمضان، فجاء وقت الإفطار فجلسنا على مثل هذه السفرة المتواضعة نفطر، رأيت الرجل يجمع بين نقيضين من حيث المظهر فهو ملتحي وهذا نادراً ما نراه في بلاد الإسلام فضلاً عن بلاد الكفر والطغيان، لكنه