للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلم للمسلم فقال -عليه الصلاة والسلام-: «لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي»، والجملة الثانية في رأيي هي تأكيد للجملة الأولى: «لا تصاحب إلا مؤمناً»؛ لأن المفروض في المسلم أنه لا يدعوا من لا يستفيد من علمه من خلقه من دينه، وكذلك لا يدعوه إلا من كان مثله، فقوله -عليه السلام- في الجملة الثانية: ولا يأكل طعامك إلا تقي تأكيد لمعنى الجملة الأولى، أي: لا تدع إلا دارك إلا من كان تقياً مؤمناً، هذا الحديث -أيضاً- يؤكد المعاني التي تجمعت في الأحاديث السابقة، ثم يأتي حديث آخر من الأحاديث الصحيحة، لتؤكد عملياً تأثير المجتمع الفاسد على الإنسان، ذلك هو قوله -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «كان فيمن قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً، فأراد أن يتوب، فسأل عن أعلم أهل الأرض؛ فدل على راهب» أي: على متعبد جاهل «فذهب إليه، وعرض عليه قصته» خلاصتها أنها قتل تسعة وتسعين نفساً بغير حق، وأنه يريد أن يتوب إلى الله؛ فهل له من توبة؟ فعظم عليه الأمر وقال: قتلت كذا وكذا نفساً، وأن تريد أن تتوب لا توبة لك، فقتله وأتم به العدد، عدد المائة.

ولكن الرجل يبدوا أنه كان مخلصاً في توبته، وفي سؤاله عن العلماء الذين يظن فيهم أنهم يدلونه على الطريق التي بها يتمكن من التوبة الصحيحة.

فأخيراً وهو يسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على عالم، فأتاه، وقال له: إني قتلت تسعة وتسعين، إن قتلت مائة نفس بغير حقٍ؛ فهل لي من توبة؟ قال: ومن يحول بينك وبين التوبة؟ ! ولكنك بأرض سوء -وهنا الشاهد-، ولكنك بأرض سوء فاخرج منها إلى القرية الفلانية، التي أهلها صالحون، فانطلق الرجل من

<<  <  ج: ص:  >  >>